وفيه : ما لا يخفى ، أنّ مجرّد كون الكلّيّ عين الفرد لا ينفع في المقام ؛ إذ إشكال جريان أصالة عدم الحدوث في الفرد وحكومته على الاستصحاب الكلّيّ ، بناء على العينيّة باق بطريق أولى ؛ بداهة ، أنّ جريان الاستصحاب في الكلّيّ على العينيّة أولى بالإشكال منه على السّببيّة.
الجواب الثّاني : أنّ للأصل السّببيّ هنا (أصالة عدم حدوث الفرد الطّويل) معارضة بمثلها وهو أصالة عدم حدوث الفرد القصير ، كما أنّ أصالة عدم كون الحادث طويلا ، يعارضها أصالة عدم كون الحادث قصيرا ، فيصل الدّور بعد تساقط الأصلين إلى الأصل المسبّبيّ وهو استصحاب بقاء الكلّيّ. (١)
وقد أورد عليه بعض الأعاظم قدسسره بما محصّله (٢) : أنّ الدّوران بين فردي الطّويل والقصير على وجهين :
أحدهما : أن يكون لكلّ من الفردين أثر مختصّ به ، وأثر آخر مشترك فيه ، كالمثال المتقدّم وهو البلل المردّد بين البول والمني ، حيث إنّ البول يوجب الوضوء والمني يوجب الغسل وحرمة المكث في المساجد والعبور عن المسجدين ، وكلاهما يوجبان حرمة مسّ كتابة القرآن الكريم وعدم جواز الدّخول في الصّلاة والطّواف ، ففى هذا الوجه يتعارض الأصلان فيتساقطان ، لكن لا يجري استصحاب الكلّيّ ، بل يجب الاحتياط ، لأجل العلم الإجماليّ الدّائر بين المتباينين لو لم يكن في البين أصل معيّن للفرد تعبّدا ، وإلّا فيعمل على طبق ذلك الأصل ، على ما سيجيء بعيد هذا.
__________________
(١) راجع ، فوائد الاصول : ج ٤ ، ص ٤١٨.
(٢) راجع ، مصباح الاصول : ج ٣ ، ص ١٠٦ و ١٠٧.