الأنصاري قدسسره ـ أيضا ـ واستثناها من ذلك القسم ، فقال : بجريان الاستصحاب فيها ، وهو ما يتسامح فيه العرف ويعدّ الأوّل والآخر والسّابق واللّاحق ، شيئا واحدا ، وأمرا فاردا مستمرّا ممتدّا ، لا متكثّرا متعدّدا ، نظير ما إذا شكّ في بقاء السّواد الشّديد وارتفاعه بتبدّله بالبياض ، أو تنزّله إلى السّواد الضّعيف ، ونظير ما إذا شكّ في بقاء العدالة العليا لزيد وارتفاعها بتبدّلها بالفسق أو تنزّلها إلى المرتبة السّفلى ، فقال قدسسره : باستصحاب كلّيّ السّواد والعدالة في المثالين.
وفيه : أوّلا : أنّ الاستصحاب في أمثال المثالين ـ بعد وحدة المتيقّن والمشكوك ، بكون الشّدّة والضّعف من الحالات ـ يكون من استصحاب الفرد لا الكلّيّ ؛ وثانيا : لو سلّم ذلك فهو من القسم الأوّل من استصحاب الكلّيّ لا الثّالث. وقد أفاد الإمام الرّاحل قدسسره في المقام ـ أيضا ـ ما لا يخلو عن فائدة ، فراجع. (١)
بقي في المقام قسم رابع لاستصحاب الكلّيّ قد تعرّضه بعض الأعاظم قدسسره وهو ما إذا علم بوجود عنوانين يحتمل انطباقهما على فرد واحد ، نظير ما إذا علم بوجود زيد في الدّار وبوجود متكلّم فيها ـ أيضا ـ يحتمل انطباقه على زيد وعلى غيره ، فعلم بخروج زيد منها ، ففي مثل الفرض يستصحب وجود الإنسان في الدّار ـ مع قطع النّظر عن خصوصيّة الزّيديّة ـ إذا كان له أثر شرعيّ ؛ وذلك ، لتماميّة أركان الاستصحاب.
ثمّ أورد قدسسره عليه : بأنّ هذا الاستصحاب قد يبتلي بالمعارض ، كما في مثل ما إذا علم شخص بجنابته ليلة الخميس ، فاغتسل ، ثمّ رأى في ثوبه منيّا يوم الجمعة ويعلم بكونه جنبا حين خروج هذا المنيّ المرئي ، فيحتمل انطباق عنوانين على هذا المنيّ ،
__________________
(١) راجع ، الرّسائل : ص ١٣٣ (مطبعة مهر).