أنّ الكلّيّ المستصحب الثّابت لا حقا عين الكلّيّ المتيقّن الموجود سابقا ، وبين ما إذا احتمل حدوث فرد آخر مقارن لارتفاع الفرد الأوّل ، فلا يجري فيه الاستصحاب ، بدعوى : أنّ الكلّيّ المعلوم سابقا قد ارتفع يقينا ، والموجود بوجود فرد آخر مشكوك الحدوث من أوّل الأمر. (١)
والوجه في عدم المجال لهذا التّفصيل هو ما عرفت : من أنّ الكلّيّ موجود بعين وجود فرده ، ولا وجود له بحياله ، والمفروض أنّ الموجود الفرد الأوّل قد ارتفع وزال قطعا ، ووجوده بوجود فرد آخر ، مشكوك من أوّل الأمر بلا فرق بين الصّورتين من التّفصيل المذكور.
وقد اورد على تفصيل الشّيخ قدسسره بالنّقض عليه : بأنّه لو صحّ الاستصحاب في القسم الثّالث من الكلّيّ في الصّورة الاولى ، لزم عدم جواز الدّخول في الصّلاة متوضّئا فيما إذا قام المكلّف من نومه محتملا لحدوث الجنابة حال النّوم ؛ وذلك لاستصحاب كلّيّ الحدث حينئذ ، حيث يحتمل اقتران الحدث الأصغر مع الجنابة والحدث الأكبر الّذي لا يرتفع بالوضوء ، مع أنّ عدم جواز الدّخول في الصّلاة متوضّئا ممّا لم يفت به أحد حتّى الشّيخ قدسسره ، وهذا كاشف عن عدم صحّة الاستصحاب في القسم الثّالث من الكلّيّ مطلقا.
وفيه : أنّ استصحاب الحدث الكلّيّ في الفرض المذكور ، محكوم بأصالة عدم حدوث الجنابة ، ومعه لا يجب إلّا الوضوء.
ثمّ إنّ هنا صورة ثالثة لاستصحاب الكلّيّ من القسم الثّالث قد صوّرها الشّيخ
__________________
(١) راجع ، فرائد الاصول : ج ٣ ، ص ١٩٦.