الصّلاة (١). هذا تمام الكلام في القسم الثّاني من استصحاب الكلّيّ.
وأمّا القسم الثّالث : فالحقّ عدم جريان الاستصحاب فيه ، لما حقّق في محلّه من أنّ وجود الكلّيّ إنّما هو بوجود فرده ، فإذا ارتفع الفرد ـ الّذي يكون الكلّيّ موجودا بوجوده ـ يقينا كما هو المفروض ، فلا شكّ في بقاء الكلّيّ حتّى يستصحب ، وأمّا وجوده بوجود فرد آخر مقارن لوجود الفرد الأوّل أو لارتفاعه ، فهو مشكوك من أوّل الأمر ، فلا يقين بحدوثه.
وبعبارة اخرى : ما تعلّق به اليقين لم يتعلّق الشّكّ ببقائه ، بل زال وارتفع يقينا ، وما يكون مشكوكا من أوّل الأمر لم يتعلّق به اليقين ، فلا مجال للاستصحاب في القسم الثّالث.
وممّا أشرنا إليه انقدح الفرق بين القسم الثّالث والثّاني من استصحاب الكلّيّ ، بأنّ اليقين في الثّالث تعلّق بوجود كلّيّ متخصّص بخصوصيّة فرديّة معيّنة ، وقد ارتفع هذا الوجود بلا شبهة ، والشّكّ تعلّق بوجود الكلّي المتخصّص بخصوصيّة اخرى من دون تعلّق يقين به سابقا ، وعليه ، فالشّكّ لم يتعلّق بعين ما تعلّق به اليقين ولم يكن من قبيل الشّكّ في البقاء كي يجري فيه الاستصحاب ، وهذا بخلاف اليقين في القسم الثّاني ، فإنّه تعلّق بوجود الكلّيّ المردّد بين الخصوصيّتين والفردين (القصير والطّويل) فيكون ما تعلّق به الشّكّ عين ما تعلّق به اليقين ، ولذا يحتمل بقاءه بعينه ، فيستصحب.
وكذا انقدح أنّه لا مجال لما عن الشّيخ الأنصاري قدسسره من التّفصيل بين ما إذا احتمل حدوث فرد مقارن مع وجود الفرد الأوّل ، فيجري فيه الاستصحاب ، بدعوى :
__________________
(١) راجع ، نهاية الأفكار : ج ٤ ، ص ١٣٢.