خصوص الحرمة ، لا النّجاسة ، كما أنّ المترتّب فيها على عنوان المذكّى هو خصوص الحلّيّة ، لا الطّهارة ، ولذا قال الله تبارك وتعالى : (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) وقال تعالى : (فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ)(١) فهاتان الآيتان تدلّان على حرمة أكل غير المذكّى وحلّيّة أكل المذكّى ، وأمّا النّجاسة والطّهارة ، فلا.
ولو اغمض عن ذلك كلّه ووصل الدّور إلى تعارض الأصلين (أصالة عدم التّذكية ، وأصالة عدم الموت بحتف أنفه) فالمرجع هو استصحاب الحرمة والطّهارة الثّابتتين حال الحياة ، لا القاعدتان (الحلّيّة والطّهارة) وذلك ، لحكومة الاستصحاب على القاعدة ، والتّفكيك بين الطّهارة والحلّيّة غير قادح ، ألا ترى ، أنّ جملة من أجزاء الحيوان المذكّى مع كونها طاهرة ، حرام أكلها. هذا مجمل الكلام في مورد أصالة عدم التّذكية ، ولكن تحقيق هذا الأصل وتفصيل الكلام فيه قد تقدّم في مبحث البراءة (٢) ، فراجع.
ثمّ إنّه ينبغي هنا أن نشير إلى صور الشّكّ في حلّيّة اللّحم وحرمته ، فنقول : يقع الكلام تارة في الشّبهة الموضوعيّة ؛ واخرى في الشّبهة الحكميّة.
أمّا الشّبهة الموضوعيّة ، فهي على أقسام أربعة :
الأوّل : ما إذا كان الشّكّ في الحلّيّة والحرمة ، لأجل دوران الأمر بين كون اللّحم من مأكول اللّحم ، كالشّاة ، أو من غيره ، كالأرنب ، بعد الفراغ عن العلم بوقوع التّذكية مع شرائطها المقرّرة على الحيوان.
__________________
(١) سورة الأنعام (٦) ، الآية ١١٨.
(٢) راجع ، مفتاح الاصول : ج ٣ ، ص ٣٤٢ إلى ٣٤٩.