وذلك لاستحالة تعلّقهما بحدوثه سابقا ، فلا بدّ من تعلّق الشّكّ بالبقاء بعد ما تعلّق اليقين بالحدوث ، والمراد من مثل قوله عليهالسلام : «لأنّك كنت على يقين من طهارتك فشككت ، وليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشّكّ أبدا» هو هذا المعنى ، كما أنّ التّعليل في قوله عليهالسلام : «لأنّك كنت ...» له ظهور تامّ في الشّكّ في البقاء ، وعليه ، فلا مجال لما عن المحقّق الحائريّ اليزديّ قدسسره من أنّ عنوان «الشّكّ في البقاء» ليس في الأدلّة. (١)
أمّا المقام الثّاني : (مستند الاستصحاب هو كون المتصرّمات ذوات هويات شخصيّة) فوجهه هو أنّ وجود الحركة القطعيّة وبقاءها عقلا ، ممّا قد برهن عليه في محلّه (٢) ، بحيث يكون الالتزام بعدمها إنكارا للضّرورة ، غاية الأمر ، وجود الحركة وجود مستمرّ متدرّج متقضية ، فلها هويّة سيّالة ، وشخصيّة غير قارّة باقية ما دامت لم تنقطع ولم تنته إلى السّكون والوقفة.
وبعبارة اخرى : لكلّ موجود وجود خاصّ ، وهويّة مخصوصة مركّبة من القوّة (الهيولى) والفعل (الصّورة) ، ومن المجرّد والمادّي ، والثّابت والسّيال وغيرها من سائر الأقسام ، ولكلّ موجود ـ أيضا ـ عدم خاصّ وهو عدم وجوده الخاصّ ، والحركة والزّمان لهما وجود خاصّ وهو السّيال المتصرّم المتدرّج ، لا الثّابت القارّ ، وعليه ، فالحركة أمر ممتدّ مستمرّ باق بالبقاء التّجدّديّ ، وبالاستمرار التّغيّريّ ، وبالامتداد التّصرّميّ ، بحيث يكون بقاءها في تجدّدها ، واستمرارها في تغيّرها ، وامتدادها في تصرّمها ، وقرارها في عدم قرارها وسيلانها ، فلا مانع من جريان
__________________
(١) راجع ، درر الفوائد : ص ٥٣٨.
(٢) راجع ، الأسفار الأربعة : ج ٣ ، ص ٢٢.