هذا المعنى أشار الشّيخ الأنصاري قدسسره بقوله : «أمّا نفس الزّمان ، فلا إشكال في عدم جريان الاستصحاب فيه ؛ لتشخيص كون الجزء المشكوك فيه من أجزاء اللّيل والنّهار ، لأنّ نفس الجزء لم يتحقّق في السّابق فضلا عن وصف كونه نهارا أو ليلا». (١)
هذا ، ولكن التّحقيق يقتضي التكلّم تارة في مورد استصحاب الزّمان والحركة ، واخرى في مورد استصحاب الزّمانيّ المقيّد بالزّمان ، أمّا استصحاب الزّمان والحركة ونحوهما من المتصرّمات ، فالحقّ جريانه فيها ؛ وذلك ، لا لعدم اعتبار الشّكّ في البقاء في الزّمانيات ، كما عن الشّيخ الأنصاري قدسسره (٢) ، بل لكونها ـ كالامور القارّة ـ ذوات هويّات شخصيّة ، ووجودات خارجيّة بسيطة يفرض البقاء فيها (٣) على ما نوضحه قريبا ؛ فحينئذ لا بدّ لنا من المتكلّم في مقامين :
الأوّل : في أنّ مستند جريان الاستصحاب ، ليس عدم اعتبار الشّكّ في البقاء.
الثّاني : في أنّ مستنده هو كون المتصرّمات ذوات هويّات شخصيّة.
أمّا المقام الأوّل : فوجهه ، أنّه لا شكّ في اعتبار الشّكّ في البقاء عند جريان الاستصحاب ، ولذا قالوا : إنّ الاستصحاب هو إبقاء ما كان ، وهذا المعنى هو المستفاد من أدلّته ، حيث إنّ مقتضى قوله عليهالسلام : «لا ينقض اليقين بالشّكّ» عدم جواز نقض اليقين الفعليّ بالشّكّ كذلك ، وهذا لا يتأتّى إلّا بتعلّق الشّكّ الفعليّ بعين ما تعلّق به اليقين الفعليّ ، وهذا ـ أيضا ـ لا يمكن إلّا بأن يتعلّق الشّكّ ببقاء ما علم وجوده سابقا ؛
__________________
(١) فرائد الاصول : ج ٣ ، ص ٢٠٣.
(٢) راجع ، فرائد الاصول : ج ٣ ، ص ٢٠٤.
(٣) والتّقطيع في الحركة والزّمان ليس بأمر واقعيّ ، بل أمر وهميّ ، وإلّا فهما أمران بسيطان ليسا بمركّبين من القطعات والأجزاء والسّاعات والدّقائق المنضمّ بعضها إلى بعض.