كالحكم بحرمة العصير العنبيّ ونجاسته إذا غلى ولم يذهب ثلثاه.
ولا يخفى : أنّ الموضوع في هذا المثال وهو العصير العنبيّ مع قطع النّظر عن الشّرط وهو الغليان ، معناه : واضح ، كما أنّ معنى الغليان واضح ليس فيه كلام ، فعند تحقّق الموضوع مع الشّرط يترتّب عليه الحكم وهو الحرمة أو النّجاسة ، بلا فرق بين أن يحصل الغليان في العصير العنبيّ بنفسه ، وبين أن يحصل بالنّار ونحوها ، خلافا لما عن شيخ الشّريعة الأصفهاني قدسسره (١) تبعا لابن حمزة قدسسره (٢) من الفرق بينهما ماهويّا ، فلو حصل الغليان بنفسه يترتّب عليه أحكام الخمر من الحرمة والنّجاسة ، فلا يطهر العصير مع هذا الغليان إلّا بذهاب الثّلثين البتّة ، وأمّا لو حصل بالنّار ونحوهما ، فيترتّب عليه حكم الحرمة دون النّجاسة ، فيحلّ بعد ذهاب ثلثيه بلا شبهة.
إذا عرفت هذا ، فنقول : إنّ الوجه في ما قلناه : من حجّيّة الاستصحاب التّعليقيّ هو تماميّة أركانه من اليقين السّابق ، والشّكّ اللّاحق المتعلّقين بحكم موضوع واحد ، بتقريب : أنّ العنب عند صيرورته زبيبا لا يكون موضوعا آخر غير الموضوع الّذي حكم فيه بالحرمة والنّجاسة إذا غلى ـ حتّى يقال : إنّ ما هو المتيقّن بكونه موضوعا للحكم المذكور ، غير ما هو المشكوك كونه موضوعا له ـ وذلك ، لأنّ الزّبيبيّة ليست من المقوّمات الموجبة لتعدّد الموضوع ولاختلاف القضيّتين (المتيقّنة والمشكوكة) بل هي من الطّواري والحالات اللّاحقة غير الموجبة لاختلاف القضيّتين وانثلام الوحدة بينهما ، وعليه ، فلا مانع من استصحاب الحكم المتيقّن المترتّب على عصير العنب عند غليانه ،
__________________
(١) راجع ، دروس في فقه الشّيعة : ج ٢ ، ص ١٨٢.
(٢) الوسيلة في ضمن سلسلة ينابيع الفقهيّة : ج ٢١ ، ص ١٥٧.