وطهارته ؛ إذ هو مشروط بعدم الغليان فلا مجال إذا لتوهّم المعارضة.
هذا ، ولكن تفصّى المحقّق النّائيني قدسسره عن تلك المعارضة : بأنّ الاستصحاب التّعليقيّ يكون حاكما على الاستصحاب التّنجيزيّ ، بتقريب ، أنّ الشّكّ في حلّيّة الزّبيب وطهارته بعد الغليان ، يكون مسبّبا عن الشّكّ في أنّ المجعول الشّرعيّ ، هل هو حرمة العنب المغليّ ونجاسة مطلقا حتّى حال صيرورته زبيبا ، أو حرمته ونجاسته حال العنبيّة فقط ، فإذا كان مقتضى الاستصحاب التّعليقيّ هو الحرمة والنّجاسة مطلقا ، كان مقتضاه حرمة الزّبيب المغليّ ونجاسته ، كالعنب المغليّ ، فلا مجال حينئذ للشّكّ في حلّيّته وطهارته حتّى يصل الدّور إلى المعارضة. (١)
ويمكن الإيراد عليه بوجهين : أحدهما : أنّ الشّكّين (الشّكّ في حلّيّة الزّبيب وطهارته ، والشّكّ في حرمة العنب المغليّ ونجاسته) ليسا بطوليّين وفي رتبتين كي يكونا من باب السّبب والمسبّب ، بل هما عرضيّان وفي رتبة واحدة مسبّبان عن علم إجماليّ متحقّق في البين وهو العلم بأنّ الحكم المجعول في حال الزّبيبيّة إمّا هو الحلّيّة والطّهارة أو الحرمة والنّجاسة.
ومن المعلوم : أنّ العلم الإجماليّ بحكم الزّبيب يكون مسبوقا بيقينين وعلمين تفصيليّين وهما اليقين بحلّيّة الزّبيب وطهارته قبل الغليان ، واليقين بحرمة العنب ونجاسته على تقدير الغليان ، وعليه ، فهنا استصحابان متعارضان : الأوّل : استصحاب حلّيّة الزّبيب قبل الغليان بنحو التّنجيز ، وهذا يقتضي حلّيّة الزّبيب المغليّ ؛ الثّاني : استصحاب حرمة العنب بعد الغليان بنحو التّعليق ، وهذا يقتضي حرمة الزّبيب
__________________
(١) راجع ، فوائد الاصول : ج ٤ ، ص ٤٧٤ و ٤٧٥.