ـ إن شاء الله تعالى ـ أنّ موضوع الاستصحاب ينتفي بقيام الأمارات في مورده ، فلا تخصيص بالنّسبة إليه.
القول الثّاني : ما عن المحقّق الخراساني قدسسره وغيره (١) ، من أنّ وجه تقديم الأمارات على الاستصحاب يكون من باب الورود ، وقد استدلّ عليه بوجوه غير تامّة :
منها : أنّ المراد من اليقين في قوله عليهالسلام : «ولكن تنقضه بيقين آخر» ليس هو بما أنّه وصف خاصّ قبال الظّنّ والشّكّ ، بل المراد منه هو الحجّة قبال اللّاحجّة (الشّكّ) ، فلا دخل لخصوصيّة اليقين في حرمة النّقض وعدم جواز رفع اليد عن الحالة السّابقة ، فكأنّه عليهالسلام قال : لا تنقض الحجّة باللّاحجة ، بل انقضها بحجّة اخرى ، ومن المعلوم ، أنّ الأمارة حجّة معتبرة ، فمع قيامها ينتفي موضوع الاستصحاب وهو اللّاحجة (الشّكّ) وهذا ليس إلّا الورود ، بمعنى : انتفاء الحكم بانتفاء موضوعه.
وفيه : أنّ هذا إنّما يتأتّى في صقع التّصور وحسب مقام الثّبوت ، لا في صقع الاستظهار وحسب مقام الإثبات ، حيث إنّ ظاهر أدلّة الاستصحاب هو دخل خصوص الطّريق اليقينيّ في حرمة النّقض وعدم جواز رفع اليد ، لا مطلق الحجّة ، وعليه ، فلا ينتقض هذا الطّريق الخاصّ ولا ترفع اليد عنه إلّا بطريق يقينيّ آخر ، لا بكلّ ما يكون طريقا وحجّة كالأمارة.
ومنها : أنّ مقتضى كبريات الاستصحاب هو عدم جواز نقض اليقين إذا كان مستندا إلى الشّكّ ، وواضح ، أنّه لو قامت الأمارة في مورد الاستصحاب ، كان النّقض
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ٣٥٠ و ٣٥١ ؛ ومصباح الاصول : ج ٣ ، ص ٢٤٨ و ٢٤٩.