مستندا إليها لا إلى الشّكّ.
وبعبارة اخرى : مفاد دليل الاستصحاب حرمة نقض اليقين إذا كان النّقض مستندا إلى الشّكّ ، ولا نقض مستندا إلى الشّكّ مع قيام الأمارة حتّى يكون حراما ممنوعا ، فلا موضوع حينئذ ولا حكم ، وهذا هو معنى الورود.
وفيه : أنّ معنى مثل قوله عليهالسلام : «لا تنقض اليقين بالشّكّ هو حرمة نقض اليقين عند طريان الشّكّ بأيّ داع كان ولو لم يكن شكّا ، لا أنّ معناه : حرمة نقضه مستندا إلى الشّكّ وبداعيه حتّى يقال : إنّ النّقض عند قيام الأمارة مستند إليها وبداعيها ، لا إلى الشّكّ وبداعيه ؛ على أنّ المراد من الشّكّ ليس المعنى المصطلح منه ، بل المراد منه خلاف اليقين ، فيكون معنى حرمة نقض اليقين بالشّكّ هو نقضه بغير اليقين ، والأمارة غير اليقين ، فلا ينقض بها.
ومنها : أنّ الأمارات وإن كانت ظنونا ، لكن حجّيّتها أمر يقينيّ ، فهي حجج قطعا ، ولا ريب : أنّ نقض اليقين بالأمارة يكون من قبيل نقض اليقين باليقين ، فلا يبقى حينئذ مع قيام الأمارة موضوع للاستصحاب ، وهذا هو معنى الورود.
وفيه : أنّ ظاهر قوله عليهالسلام : «ولكن تنقضه بيقين آخر» كون اليقين متعلّقا بارتفاع ما هو تيقّن بحدوثه ، واليقين الثّاني في الأمارات تعلّق بحجّيّتها ، لا بارتفاع ما تعلّق بحدوثه اليقين ، فلا نقض لليقين باليقين في مورد الأمارات ، بل نقض له بغير اليقين.
القول الثّالث : ما عن الشّيخ الأنصاري قدسسره من أنّ تقديم الأمارات إنّما هو من باب الحكومة (١) ولا حاجة إلى تعرض كلامه قدسسره والنّقد عليه.
__________________
(١) راجع ، فرائد الاصول : ج ٤ ، ص ١٣.