وقول بانحلال العلم الإجماليّ وعدم تنجيزه مطلقا حتّى بالنّسبة إلى غير المضطرّ إليه ، وهو ما اختاره المحقّق الخراساني قدسسره مستدلّا بأنّ تنجيز التّكليف بالعلم الإجماليّ يدور مدار العلم المنجّز له حدوثا وبقاء ، ومع الاضطرار إلى أحد الطّرفين لا يبقى علم بالتّكليف في الطّرف الآخر ، بل يصير ذلك الطّرف مشكوكا بشكّ بدويّ ، فلا يبقى تنجيز للتّكليف. (١)
هذا ، ولكنّه قدسسره عدل عن ذلك ـ في حاشية الكفاية ـ وقال : بعدم الانحلال وبقاء التّنجيز في غير المضطرّ إليه ، وأفاده قدسسره في وجه ذلك ، ما محصّله : أنّ العلم الإجماليّ قد تعلّق من البدو بالتّكليف المردّد ، بين المحدود بعروض الاضطرار ـ إن كان العلم الإجماليّ في الطّرف المضطرّ إليه ـ وبين المطلق غير المحدود بعروضه ـ إن كان في الطّرف الآخر غير المضطرّ إليه ـ فيكون من قبيل تعلّق العلم الإجماليّ بالتّكليف المردّد بين القصير والطّويل ، كالعلم إجمالا بوجوب دعاء قصير ، أو دعاء طويل ، أو العلم إجمالا بوجوب صلاة الجمعة الّتي يكون وقتها محدودا ـ كساعة بعد الزّوال ـ أو وجوب صلاة الظّهر الّتي يكون وقتها مطلقا من ناحية الأداء والقضاء ، فكما أنّ هذا العلم الإجماليّ يوجب التّنجيز بحيث لا يسقط التّكليف بالطّويل إذا سقط التّكليف بالقصير عند انتهاء أمده ، ففي المثال لا مجال للبراءة عن وجوب صلاة الظّهر بعد انتهاء أمد صلاة الجمعة وهو المحقّق بمضيّ ساعة من زوال الشّمس ، فكذلك المقام ؛ إذ التّكليف في الطّرف المضطرّ إليه قصير محدود بالاضطرار ، وفي الطّرف الآخر طويل غير محدود ، فلا يوجب سقوط التّكليف في ذلك الطّرف ، سقوطه في هذا الطّرف. (٢)
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ٢١٦ إلى ٢١٨.
(٢) راجع ، حقائق الاصول : ج ٢ ، ص ٢٩٨ و ٢٩٩.