فمجموع الأقوال في الصّورة الاولى ثلاثة :
أحدها : ما اختاره الشّيخ الأنصاري قدسسره من القول بتنجيز العلم الإجماليّ ، مطلقا.
ثانيها : ما اختاره المحقّق الخراساني قدسسره في متن الكفاية من القول بعدم تنجيزه مطلقا.
ثالثها : ما اختاره قدسسره في حاشية الكفاية من القول بعدم تنجيزه في الطّرف المضطرّ إليه وتنجيزه في غيره.
والصّواب هو القول الثّالث ، فيبقى تنجيز التّكليف في الطّرف الآخر غير المضطرّ إليه وينحلّ بالنّسبة إلى الطّرف المضطرّ إليه ؛ وذلك ، لما قرّر في غير موضع ، من أنّ تنجيز العلم الإجماليّ للتّكليف المعلوم إجمالا منوط بعدم جريان الاصول في أطرافه ، أو بتعارضها وتساقطها لو جرت ، وفي المقام لمّا كان العلم الإجماليّ بثبوت التّكليف ـ إمّا في الطّرف المضطرّ إليه إلى حدوث الاضطرار ، أو في الطّرف الآخر غير المضطرّ إليه في جميع الأزمان ـ موجودا ، وقع التّعارض بين الأصل الجاري في ذلك الطّرف بالنّسبة إلى حدوث الاضطرار ، وبين الأصل الجاري في هذا الطّرف بالنّسبة إلى جميع الأزمان ، فيتساقطان ، وقضيّة ذلك بقاء التّنجيز.
غاية الأمر : لا يمكن الموافقة القطعيّة لأجل الاضطرار ، بل يكتفى بالموافقة الاحتماليّة ، حيث إنّ الضّرورة تتقدّر بقدرها ، لا بأزيد منها.
وبالجملة : سقوط التّكليف في الطّرف المضطرّ إليه بانتهاء أمده ، لا يوجب سقوطه في الطّرف الآخر بجريان الأصل فيه.