وما قال قدسسره في متن الكفاية من دوران التّنجيز مدار العلم الإجماليّ حدوثا وبقاء ، ولا علم إجمالا بقاء بعد حدوث الاضطرار فلا تنجيز كذلك ، فهو وإن كان صحيحا حسب الكبرى ؛ إذ التّنجيز معلول للعلم الإجماليّ فيدور مداره وجودا وعدما ، إلّا أنّه ممنوع حسب الصّغرى ، بمعنى : أنّ حدوث الاضطرار لا يوجب انحلال العلم وعدم بقاءه ، بل العلم باق بحاله حتّى حال الاضطرار ـ أيضا ـ إنّما الزّائل المرتفع بسبب الاضطرار هو المعلوم بالإجمال لو كان في الطّرف المضطرّ إليه ، وهذا هو الحال في صور اخرى ، كفقد بعض الأطراف أو الإتيان به أو خروجه عن محلّ الابتلاء.
نعم ، يزول نفس العلم حتّى التّفصيليّ بطروّ الشّكّ السّاري ، نظير ما إذا علم طرف الصّبح بنجاسة أحد الماءين إجمالا ، ثمّ شكّ طرف العصر في نجاسة أحدهما في طرف الصّبح واحتمل طهارة كليهما فيه ، ونظير ما إذا علم طرف الصّبح بنجاسة ماء معيّن تفصيلا ، ثمّ شكّ طرف العصر في نجاسته في ذلك الزّمان واحتمل طهارته فيه ، ففي مثل المثالين يوجب الشّكّ السّاري زوال نفس العلم.
ومن هذا البيان ظهر ، أنّ الفرق بين الاضطرار إلى أحد الأطراف ، فيكون من حدود التّكليف ، وبين فقده فلا يكون كذلك ، كما عن المحقّق الخراساني قدسسره في متن الكفاية ، فلا وجه له ، لدوران فعليّة التّكليف مدار فعليّة موضوعه بجميع خصوصيّاته وقيوده ، فلا فرق في انتفاء التّكليف بانتفاء موضوعه ، بين انتفاء ذات الموضوع ، كما في مورد فقدان بعض الأطراف أو خروجه عن محلّ الابتلاء ، وبين انتفاء قيد الموضوع ؛ إذ المقيّد ينتفي بانتفاء قيده وهو عدم الاضطرار ، كما في محلّ الكلام.