كذا حال الاطلاق كحال العموم في المتّصل ، فالمخصّص المتّصل هادم لظهور العامّ في العموم ، بمعنى : كونه مانعا عن انعقاده ، والمقيّد المتّصل ـ أيضا ـ كذلك ، فيهدم الظّهور الإطلاقيّ ، بمعنى : كونه مانعا عن انعقاد الإطلاق.
وقد ذهب بعض الأعاظم قدسسره إلى أنّ الحقّ ما عن الشّيخ الأنصاري قدسسره من تقديم العموم على الإطلاق وقال في تقريب ذلك ، ما محصّله : أنّ العامّ الصّالح للقرينيّة على التّقييد ، لا فرق فيه بين المتّصل والمنفصل ، غاية الأمر ، الإطلاق حجّة ما لم يرد العامّ المنفصل لتحقّق المعلّق عليه وهو عدم البيان إلى زمن الورود ، وبعد الورود ينقلب الحكم من حين الورود لا من أوّل الأمر ، لا نقول : بعدم إرادة الإطلاق من حين وصول العامّ ، بل نقول : بعدم إرادة الظّهور من الأوّل ، إلّا أنّ الإطلاق وظهوره حجّة إلى حين الوصول ، نظير الاصول العمليّة بالنّسبة إلى الأمارات ، فإنّ الأصل متّبع ما لم تصل الأمارة على خلافه ، وبعد وصولها ترفع اليد عن الأصل من حين الوصول وإن كان مفادها ثبوت الحكم من الأوّل ، والمقام كذلك ، غاية الأمر ، أنّ العامّ المتّصل مانع عن انعقاد الظّهور في المطلق ، والعامّ المنفصل كاشف عن عدم تعلّق الإرادة الجديّة بالإطلاق من لفظ المطلق ، وهذا المقدار لا يوجب الفرق في الحكم من وجوب تقديم العامّ على المطلق. (١)
وفيه ما عرفت : من أنّ حال الإطلاق ، كحال العموم ، فكما أنّ العامّ المنفصل صالح للقرينيّة على التّقييد ، كذلك المطلق المنفصل صالح للقرينيّة على التّخصيص ، والتّخصيص كاشف عن عدم إرادة العموم من الأوّل ، كما أنّ التّقييد كاشف عن عدم
__________________
(١) راجع ، مصباح الاصول : ج ٣ ، ص ٣٧٧ و ٣٧٨.