الخاصّ في الفرض مزاحما للعامّ أصلا.
ثانيهما : ما محصّله : أنّ النّسخ متوقّفا على ظهور العامّ في ثبوت حكمه من حين وروده ، لا من أوّل الإسلام ، وإلّا فلا يكون ناسخا للخاصّ ، فلا يحتمل النّسخ في ما بأيدينا من الأخبار الواردة عن الأئمّة المعصومين عليهمالسلام إذ ظاهرها بيان الأحكام المجعولة في زمن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لا من زمنهم عليهمالسلام لأنّ شأنهم عليهمالسلام هو بيان الأحكام والتّبيين والإعلام ، لا الجعل والتّشريع ، فإذا ورد عن الباقر عليهالسلام : «أنّ الطّحال ـ مثلا ـ حرام» وورد عن الصّادق عليهالسلام : «أنّ جميع أجزاء الذّبيحة حلال» لا يحتمل كون هذا العامّ ناسخا لذلك الخاصّ ؛ إذ ظاهره حلّيّة جميع أجزاء الذّبيحة في الإسلام والشّريعة من زمن النّبوّة ، لا الحلّيّة من زمن الإمامة والوصاية حتّى تنسخ الحرمة وتزيلها من زمن الصّدور بعد جعلها واستمرارها إلى هذا الزّمان ، ولا فرق في ذلك بين الخاصّ والعامّ ، فلا يحتمل النّسخ في الخاصّ الوارد بعد العامّ ـ أيضا ـ لعين ما ذكرنا في العامّ الوارد بعد الخاصّ.
وقد أورد عليه قدسسره بعض المعاصرين : بأنّ الإمام عليهالسلام كما يذكر ويبيّن المخصّصات المودعة عنده من ناحية النّبوّة ، كذلك يذكر ويبيّن النّواسخ المودعة عنده من تلك النّاحية ، وعليه ، فالعامّ المتأخّر يحتمل أن يكون ناسخا ، كما يحتمل أن يكون الخاصّ المتقدّم مخصّصا للعامّ. (١)
وفيه : أنّ ظاهر كلامه قدسسره هو أنّ الأخبار ظاهر في بيان الحرام والحلال المجعولين من الصّدر الأوّل وفي زمن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وعليه ، فلا يعقل كون العامّ ناسخا
__________________
(١) راجع ، المحصول في علم الاصول : ج ٤ ، ص ٤٥٣.