للخاصّ ، ويشهد لما ذكرنا قوله قدسسره : «لأنّ ظاهرها [الأخبار الواردة عن الأئمّة عليهمالسلام] بيان الأحكام الّتي كانت مجعولة في زمن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إذ الائمّة عليهمالسلام مبيّنون لتلك الأحكام ، لا مشرّعون إلّا أن تنصب قرينة على أنّ هذا الحكم مجعول من الآن».
ولنا أن نقول توضيحا وتأكيدا لما هو ظاهر كلامه قدسسره : أنّ التّخصيصات أو التّقييدات الصّادرة من الأئمّة عليهمالسلام تفسيرات وتوضيحات لما في الكتاب والسّنّة من الأحكام الكلّيّة الإلهيّة أو تطبيقات لما فيهما من الكلّيّات والكبريات على الموارد الجزئيّة والصّغريات ، نظير تخصيص آية القصر وهي قوله تعالى : (وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ ...)(١) بروايات الإتمام وعدم جواز القصر في سفر المعصية ، فهذه الرّوايات إنّما هي في مقام بيان أنّ حكم القصر إرفاقيّ وامتنانيّ ، وأهل التّمرّد والمعصية ليس له حظّ من الإرفاق والمنّة.
وقريب بما ذكرنا من البيان والتّوضيح ، ما أفاده الإمام الرّاحل قدسسره وإليك نصّ كلامه : «فلا يبعد أن يكون التّخصيص مقدّما لكثرته وتعارفه ، بحيث لا يعتني العقلاء بالاحتمال المقابل له مع ندرته ، وإن شئت ، قلت : كما أنّ العقلاء لا يعتنون بالاحتمال النّادر في مقابل الكثرة ، كما في الشّبهة غير المحصورة ... كذلك لا يعتنون باحتمال النّسخ الّذي لا يعلم وقوعه في الشّريعة إلّا في موارد قليلة جدّا في مقابل التّخصيص والتّقييد الرّائج الشّائع ، ولهذا ترى أنّ بناء فقه الإسلام على التّخصيص والتّقييد ، وقلّ ما يتّفق أن يتفوّه فقيه بالنّسخ مع أنّ في جلّ الموارد يتردّد الأمر بينهما للجهل بتاريخ صدورهما». (٢)
__________________
(١) سورة النّساء (٤) ، الآية ١٠١.
(٢) الرّسائل : ص ٣٠ و ٣١ ، (مبحث التّعادل والتّرجيح).