الطّبيعة لا يتأتّى إلّا بنفي جميع أفرادها ، وإيجادها يتأتّى بإيجاد فرد منها ، وهذا أمر عقليّ يقتضي السّريان في مورد نفي الطّبيعة ويقتضي صرف الوجود في مورد إيجادها ، وهذا الأمر العقليّ وإن كان موجبا لأن يقال : إنّ تقديم الشّموليّ لا يستدعي رفع اليد عن الحكم في البدليّ ، بل يستدعي تضييق دائرته بخلاف تقديم البدليّ ، وأنت ترى ، أنّ مثل هذا الأمر العقليّ لا يندرج تحت موارد الجمع العرفيّ العقلائي ، كموارد الورود والحكومة ، والعامّ والخاصّ ، والمطلق والمقيّد ، وذي القرينة والقرينة.
وقد اورد عليه قدسسره ـ أيضا ـ بما لا يخلو عن قوّة ، محصّله : أنّ الإطلاق البدليّ لا ينفكّ عن الإطلاق الشّموليّ أبدا ، بتقريب ، أنّ المراد من «أكرم عالما» هو وجوب إكرام فرد من العالم على البدل ، ومقتضاه التّرخيص في تطبيق الطّبيعة على أيّ فرد شاء ، وهذا الحكم التّرخيصيّ كالإلزاميّ من وظائف المولى ، فله تحديد التّطبيق أو توسعته ، وعليه ، فتقديم الإطلاق الشّموليّ على البدليّ الموجب لعدم إكرام فرد فاسق من العالم يوجب رفع اليد ـ أيضا ـ عن الحكم بالنّسبة إلى بعض الأفراد في الإطلاق البدليّ.
الوجه الثّاني : أنّ الإطلاق البدليّ يحتاج إلى مقدّمة اخرى مضافا إلى مقدّمات الحكمة الجارية فيه وهي عبارة عن إحراز تساوي أقدام الأفراد في تحصيل غرض المولى ، بخلاف الإطلاق الشّموليّ ، فإنّها لا يحتاج إلى تلك المقدّمة ؛ وجه ذلك ، أنّه لو لم يفرض تساوي أقدام الأفراد في الإطلاق البدليّ ، لقبح توجيه الحكم نحو الطّبيعة على البدل ، بل لا بدّ من توجيه الحكم إلى الفرد الأقوى في الوفاء بغرض المولى ، وهذا بخلاف الإطلاق الشّموليّ ، فإنّه قد تكون الأفراد فيه مختلفة ، نظير ما إذا