المورد السّابع : ما إذا دار الأمر بين الإطلاق الشّموليّ والإطلاق البدليّ ، نظير قولنا : «لا تكرم الفاسق ، وأكرم عالما» فقد ذكروا : أنّ الإطلاق الشّموليّ يقدّم على الإطلاق البدليّ ويقيّده ، فيكون المراد في المثال «أكرم عالما غير فاسق» وهذا هو مختار المحقّق النّائيني قدسسره (١) مستندا إلى وجوه ثلاثة غير تامّة :
الأوّل : أنّ الحكم بالإطلاق الشّموليّ يتعدّد بتعدّد الأفراد ، حيث تعلّق بالطّبيعة السّارية المنطبقة على جميع أفرادها الشّاملة لها بأسرها وتمامها ، فينحلّ الحكم إلى الأحكام ويتعدّد بتعدّد الأفراد ، وأمّا الحكم في الإطلاق البدليّ فيكون واحدا ، حيث تعلّق بصرف الوجود من الطّبيعة ، غاية الأمر ، للمكلّف ـ في موقف الامتثال ـ تطبيق الطّبيعة على أيّ فرد شاء من زيد العالم أو عمرو العالم أو غيرهما ، فتقديم الإطلاق البدليّ يوجب رفع اليد عن الحكم في الشّموليّ بالإضافة إلى بعض الأفراد ، بخلاف تقديم الشّموليّ فلا يوجب رفع اليد عن الحكم في البدليّ ، لوحدة الحكم وعدم تعدّده ، بل يوجب تضييق دائرته.
وفيه : أوّلا : أنّ مسألة الانحلال وقاعدته ممّا فيها من الخلل والإشكال على ما أشرنا إليه في بعض المباحث.
وثانيا : أنّ الإطلاق الشّموليّ والبدليّ عرضيّان وفي مرتبة واحدة من الظّهور ، منشؤهما مقدّمات الحكمة ، والإطلاق مطلقا ليس إلّا رفض القيود وأنّ تمام الموضوع هو ما يدلّ عليه اللّفظ ويكون تحته من طبيعيّ الفاسق في قولنا : لا تكرم الفاسق ، وطبيعيّ العالم في قولنا : أكرم عالما بلا اعتبار شيء آخر ، غاية الأمر ، نفي
__________________
(١) راجع ، مصباح الاصول : ج ٣ ، ص ٣٧٨ إلى ٣٨١.