وأمّا القول بأنّه يخصّص حينئذ العامّ بالخاصّ الآخر الّذي لا يلزم من التّخصيص به محذور الاستهجان ويعامل مع ما يلزم منه المحذور ، معاملة التّباين. (١)
ففيه ما لا يخفى من الخلل : حيث إنّ المفروض كون الخاصّ الآخر معارضا بهذا الّذي يلزم من تخصيص العامّ به الاستهجان ، فلا مناص إذا من علاج تعارضهما بالتّرجيح أو التّخيير أوّلا ، وتخصيص العامّ على تقدير وعلاج التّعارض بينه وبين الخاصّ على تقدير آخر ثانيا.
الصّورة الثّانية : ما إذا ورد عامّ وخاصّان بينهما نسبة العموم والخصوص المطلق ، نظير قولنا : أكرم العلماء ولا تكرم النّحويّين منهم ، ولا تكرم الكوفيّين من النّحويّين ، والنّسبة بين العامّ والخاصّين كالنّسبة بين نفس الخاصّين عموم وخصوص مطلق ـ أيضا ـ فنقول : إنّ حكم الخاصّين على أحد وجهين :
أحدهما : أن يكون على وجه وحدة المطلوب.
ثانيهما : أن يكون على وجه تعدّد المطلوب بمعنى : أنّ إكرام مطلق النّحويين يكون مبغوضا وإكرام الكوفيّين منهم مبغوضا آخر أشدّ ، فعلى الأوّل (وحدة المطلوب) يخصّص العامّ بأخصّ الخاصّين (لا تكرم الكوفيّين من النّحويّين) لأنّه كما يخصّص به العام ، يخصّص به الخاصّ الأعمّ ـ أيضا ـ حسب إحراز وحدة المطلوب فيهما ، ومع تخصيصه به ، يخرج عن الحجّيّة في ما عدا مورد الأخصّ ، فلا يصلح للمعارضة مع العامّ كي تلاحظ النّسبة بينه وبين العامّ ، فيخصّص به ، بل العامّ يبقى
__________________
(١) راجع ، نهاية الأفكار : ج ٤ ، ص ١٦١. مؤسّسة النّشر الإسلامي التّابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة.