وجوب شيء آخر مع عدم ثالث لهما ، أو دلالة أحدهما كذلك مع وجود ثالث ، والوجه في عدم كون تلك الصّور الثّلاثة داخلة في باب التّزاحم ، بل تكون من باب التّكاذب في مرحلة الجعل والمبادي ، واضح.
أمّا الصّورة الاولى ، فلأنّ قيام الأمارة على وجوب شيء ، كالحركة ، موجب لحدوث المصلحة الملزمة فيه ، وقيام أمارة اخرى على حرمته ، موجب لحدوث مفسدة ملزمة فيه ويستحيل اجتماعهما مع قطع النّظر عن العجز وعدم القدرة.
وبعبارة اخرى : اجتماع هذين الملاكين في شيء واحد ، كاجتماع الحكمين (الوجوب والحرمة) فيه ، محال قطعا ، فلا يصل الدّور إلى التّزاحم في مرحلة الامتثال والإطاعة.
وأمّا الصّورة الثّانية ، فلأنّ المفروض فيها ؛ أنّ أحد الدّليلين يدلّ على وجوب شيء كالحركة ، والآخر يدلّ على وجوب شيء آخر كالسّكون ، بلا ثالث لهما ، وواضح ، أنّه لا يمكن اجتماع هذين التّكليفين في مرحلة الجعل وموقف التّشريع ، حيث إنّ الأمر بكلّ واحد من الحركة والسّكون تعيينا تكليف بالمحال ، وتخييرا طلب للحاصل حسب التّكوين ـ باعتبار أنّ المكلّف إمّا متحرّك أو ساكن ـ فلا يصل الدّور في تلك الصّورة إلى المزاحمة في مرحلة الامتثال والإطاعة.
وأمّا الصّورة الثّالثة ، فلأنّ المفروض فيها ، أنّ أحد الدّليلين يدلّ على وجوب شيء كالقيام ، والآخر يدلّ على وجوب شيء آخر كالجلوس مع وجود ثالث لهما ، كالاضطجاع ، وواضح ، أنّه لا يمكن اجتماع هذين التّكليفين في مرحلة الجعل وموقف التّشريع ، حيث إنّ الأمارة الدّالّة على وجوب الجلوس بالمطابقة ، تدلّ