ألا ترى ، أنّ الإناء الّذي ولغ فيه الكلب ، يجب تعفيره ، بخلاف الملاقي (بالكسر) لهذا الإناء ، فلا تعفير فيه ، وكذا يجب غسل ما لاقى البول مع الماء القليل مرّتين ، بخلاف ما لاقى ذلك الملاقي.
ومن هنا ظهر ضعف ما عن الإمام الرّاحل قدسسره من إمكان الاستدلال على كون نجاسة الملاقي نجاسة اخرى مستقلّة بالجعل والتّعبّد ، أوّلا : بمفهوم : إذا كان الماء قدر كرّ ، لم ينجّسه شيء ، حيث إنّ ظاهر المفهوم وهو «ينجّسه» جعله نجسا ، بمعنى : أنّ الأعيان النّجسة واسطة لثبوت النّجاسة للماء ، فيصير الماء لأجل الملاقاة للنّجس ، فردا من النّجاسات ، مختصّا بالجعل ووجوب الاجتناب ؛ وثانيا : بقول أبي عبد الله عليهالسلام : «الماء كلّه طاهر حتّى تعلم أنّه قذر» (١) حيث إنّ الظّاهر منه حتّى تعلم أنّه صار قذرا بواسطة الملاقاة ؛ وثالثا : بما دلّ على مطهّريّة الماء والأرض والشّمس وغيرها للاشياء ، فإنّ الظّاهر منه أنّها صارت نجسة فتطهّر بالمطهّرات. (٢)
فتحصّل : أنّ الظّاهر بين تلك الاحتمالات الأربعة هو الاحتمال الثّاني ، والباقي لا شاهد عليه في النّصوص والأخبار ، ولا في كلمات أصحابنا الأخيار ، فإذا لا مجال لأن يقال : بأنّ القول بنجاسة الملاقي مبنيّ على كونه من باب الشّئون أو من باب الاتّساع ، مستدلّا لذلك بأنّ تنجّس الملاقي (بالكسر) إنّما جاء من وجوب الاجتناب عن ذلك النّجس ، بناء على أنّ الاجتناب عن النّجس يراد به ما يعمّ الاجتناب عن ملاقيه ولو بوسائط. (٣)
__________________
(١) وسائل الشّيعة : ج ١ ، كتاب الطّهارة ، الباب ١ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ٥ ، ص ١٠٠.
(٢) راجع ، أنوار الهداية : ج ٢ ، ص ٢٥٣ و ٢٥٤.
(٣) راجع ، فرائد الاصول : ج ٢ ، ص ٣٩.