وتفويته. (١) هذا ، ولكن أنت ترى ، أنّ هذا الكلام ليس إيرادا على كلام المحقّق النّائيني قدسسره بل يكون شرحا وتفسيرا له ، فتأمّل.
الجهة الثّالثة : (من الجهات المانعة عن إجراء البراءة العقليّة) أنّ التّكليف المردّد تعلّقه بالأقلّ والأكثر ، تكليف واحد تعلّق بالأجزاء على وجه تقييد بعضها ببعض ثبوتا وسقوطا ؛ وذلك ، للارتباطيّة الأجزاء ، فلا يعقل سقوطه بالإضافة إلى بعض الأجزاء ، وعدم سقوطه بالإضافة إلى بعض آخر منها ، وحيث إنّه يحتمل وجوب الأكثر في المقام ، فهو ملازم لاحتمال عدم سقوط التّكليف رأسا ، ونتيجته هو اندراج المقام في باب العلم بثبوت التّكليف والشّكّ في سقوطه ، فتجري قاعدة الاشتغال والاحتياط ؛ إذ العلم بشغل الذّمّة يقتضي العلم بفراغها ، ولا يحصل العلم بالفراغ إلّا بإتيان الأكثر.
وإن شئت ، فقل : إنّ ارتباطيّة الأجزاء توجب وحدة متعلّق التّكليف ، فتوجب وحدة نفس التّكليف ثبوتا وسقوطا ، بحيث لا يعقل سقوطه بالنّسبة إلى بعض الأجزاء دون بعض ، ومع احتمال وجوب الأكثر لا يسقط بإتيان الأقلّ ، فالمقام مندرج في باب الشّكّ في السّقوط ، لا في الثّبوت ، فيلزم الاحتياط.
وفيه : أنّ الشّكّ في السّقوط على قسمين : أحدهما : ما يرجع إلى مقام الامتثال والإطاعة وفراغ الذّمة ، لا إلى مقام الجعل واشتغال الذّمّة ، نظير ما علم بوجوب صلاة الظّهر ، وشكّ في الإتيان بها ، وهكذا صلاة العصر أو صلوات اخرى ، فيجري الاحتياط والاشتغال هنا بحكم العقل ، وهو واضح جدّا.
__________________
(١) راجع ، مصباح الاصول : ج ٢ ، ص ٤٣٧.