التّكليف ، كذلك تجري في الغرض.
ولا يخفى : أنّ المقام من هذا القبيل ، لتعلّق الأمر بنفس الفعل المأمور به ، فيعلم أنّ الغرض ليس متعلّقا للتّكليف ، فيجب الإتيان بما تعلّق به وهو الأقلّ ، وأمّا الأكثر ، فالمرجع فيه هو الأصل النّافي وهو البراءة. (١) انتهى محصّل كلامه قدسسره ، وهو لا يخلو عن جودة.
وقد أورد عليه بعض الأعاظم قدسسره بما حاصله : أنّ الغرض المترتّب على المأمور به ، قسمان : أحدهما : الأقصى الّذي نسبته إلى المأمور به ، نسبة المعلول إلى علّته المعدّة وهو خارج عن الاختيار ، فلا يكون مأمورا به كي يجب تحصيله واستيفائه ؛ ثانيهما : الغرض الأدنى الإعداديّ الّذي نسبته إلى المأمور به نسبة المعلول الى علّته التّامّة وهو لكونه مقدورا تحت الاختيار ، يجب القطع بحصوله ، فلا مناص إذا من الإتيان بالأكثر ، فعدم تعلّق الأمر بالغرض إنّما يصحّ في الغرض الأقصى لا الإعداديّ ، والتّحقيق فى الجواب أن يقال : قد يتعلّق الأمر بنفس الغرض ، فلا بدّ من تحصيله ولو بإتيان الأكثر عند الشّكّ ، وقد يتعلّق بنفس الفعل ، فلا يجب على المكلّف إلّا إتيان ما تعلّق به أمر المولى بمقدار ما أمر به ، وأمّا هل يكون هذا المقدار وافيا بغرضه ، فليس إحراز ذلك من وظائف المكلّفين ، بل يكون من وظائف الآمر تعالى ، وبالجملة : الغرض كالتّكليف فكما يجب أن يكون التّكليف واصلا إلى العبد بنفسه أو بطريقه كإيجاب الاحتياط ، كذلك الغرض ، وكما يجب أن يتمّ على التّكليف البيان ، كذلك الغرض ، وكما تجري قاعدة قبح العقاب بلا بيان فى التّكليف ، كذلك تجري في الغرض
__________________
(١) راجع ، فوائد الاصول : ج ٤ ، ص ١٦٥ إلى ١٨١ ؛ أجود التّقريرات : ج ٢ ، ص ٢٩٠ إلى ٢٩٥.