موجبا للعقاب مع البيان ، ولكن تعلّقه بالأكثر مشكوك فيه ، فتجري البراءة العقليّة ، ويكون العقاب على تركه عقاب بلا بيان.
هذا كلّه بالنّسبة إلى البراءة العقليّة.
وأمّا بالنّسبة إلى البراءة النّقليّة ، فلا إشكال في أنّها تجري إذا قلنا : بجريان البراءة العقليّة ، كما هو الحقّ ، فإمّا ترفع الجزئيّة المشكوكة والمؤاخذة على تركها ، أو يرفع وجوب المشكوك جزئيّته على اختلاف بين الأعلام في أنّ المرفوع بحديث الرّفع ، هل هو الوضع أو التّكليف؟ إنّما الإشكال فيما إذا قلنا : بعدم جريان البراءة العقليّة ، فقد وقع الخلاف عندئذ في جريان البراءة النّقليّة ، فذهب المحقّق الخراساني قدسسره إلى جريانها (١) وهو الحقّ.
والسّر فيه : أنّه لا مانع من شمول عموم حديث الرّفع ، لوجوب ما زاد على الأقلّ وهو الحكم التّكليفيّ ، أو جزئيّته وهو الحكم الوضعيّ ، حيث إنّ كلّا منهما مجعول شرعيّ ، غاية الأمر ، يكون التّكليف متعلّقا للجعل بلا واسطة ، والوضع متعلّقا له مع الواسطة ، فمن رفع الوجوب يستكشف عدم الجزئيّة كشفا لميّا ، ومن رفع الجزئيّة يستكشف عدم الوجوب كشفا إنيّا ؛ إذ الوجوب منشأ لانتزاع الجزئيّة ، ووزان منشإ الانتزاع أو المنتزع عنه بالنّسبة إلى المنتزع ، وزان العلّة بالنّسبة إلى المعلول.
هذا ، ولكن يمكن أن يقال : بمنع شمول الحديث للمقام ، بتقريب ، أنّ رفع الأمر بالأكثر ورفع وجوبه لا يثبت الأمر بالأقلّ ووجوبه ، إلّا بالأصل المثبت وهو ليس
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ٢٣٥.