غيره ، من قبيل الدّوران بين المتباينين ، حيث لا وجود للجنس بما هو جنس ، فيجب فيه الاحتياط ، وهذا بخلاف الشّرط ، فيكون الدّوران بين المشروط وغيره ، من قبيل الدّوران بين الأقلّ والأكثر ، فتجري البراءة في الزّائد على مقدار الأقلّ. (١)
وفيه : ما مرّ من أنّه ليس في البين علم إجماليّ أصلا حتى يقال : بالانحلال في بعض تلك الأنواع الثّلاثة ، كما أنّه ليس بعض تلك الأنواع من قبيل المتباينين حتّى يقال : بالاحتياط فيه ، بل يكون الأقلّ في الجميع متعلّقا للعلم التّفصيليّ ، والأكثر متعلّقا للشّكّ البدويّ الّذي يجري فيه البراءة النّقليّة ؛ وقد مرّ ـ أيضا ـ أنّ مبنى الوجوب الغيريّ باطل حتّى في الأجزاء الخارجيّة ، فضلا عن الأجزاء التّحليليّة ، وأنّ الوجوب في كلّ منهما يكون واجبا نفسيّا ضمنيّا ، إلّا أنّ الوجوب يتعلّق في الأجزاء بنفسها ، بخلاف الشّرائط ، فإنّ الوجوب يتعلّق بالاشتراط والتّقييد لا بنفسها.
ثمّ إنّ المحقّق النّائيني قدسسره قد فصّل بين الأنواع الثّلاثة المتقدّمة بجريان البراءة في النّوعين الأوّلين (شرط المأمور به وخصوصيّة الموضوع غير المقوّمة) وجريان الاحتياط في النّوع الثّالث (خصوصيّة الموضوع المقوّمة).
بتقريب : أنّ النّوعين الأوّلين مندرجان في باب الأقلّ والأكثر ، فتجري فيهما البراءة بالنّسبة إلى الأكثر ، بخلاف النّوع الثّالث ، فإنّه مندرج في باب الدّوران بين التّعيين والتّخيير ، فيجب الاحتياط فيه ؛ وذلك ، لأنّ الجنس لا تحصّل له إلّا في ضمن الفصل ، فلا يعقل تعلّق التّكليف به ، إلّا إذا اخذ متميّزا بفصل ، فيدور أمر الجنس بين تميّزه بفصل معيّن ، أو بفصل ما من فصوله ، فيكون المقام من دوران الأمر بين التّعيين و
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ٢٣٨.