في أيّام طهرها ويحكم بحرمة وطئها بالاستصحاب وكذا يفرض ماء قليل طاهر ويحكم بنجاسته بالاستصحاب ، ممنوعة ؛ إذ في الفرضين المذكورين لا يقين بحرمة الوطء والنّجاسة في البين كي يحكم ببقائهما لأجل الاستصحاب. اللهم إلّا أن يفرض ـ أيضا ـ اليقين بالحرمة أو النّجاسة والشّكّ في بقائهما ، وهذا كما ترى.
وعليه : ففي المقام إذا فرض تعذّر الإتيان ببعض أجزاء المركّب قبل دخول الوقت أو مقارنا لأوّله ، فلا تيقّن بوجوب الباقي الميسور مطلقا حتّى على سبيل الفرض كي يقال : باستصحابه عند الشّكّ في ارتفاعه ، بل أصل وجوبه وحدوثه يكون مشكوكا ، ومعه لا مجال للاستصحاب ، بل لا بدّ من إجراء البراءة.
هذا تمام الكلام في المورد الأوّل (وجوب المقدار الميسور لأجل الاستصحاب).
وأمّا المورد الثّاني ، (وجوب الباقي الميسور لأجل الرّوايات) فنقول : قد استدلّ بثلاث روايات على وجوب الباقي الميسور ، بمعنى : تماميّة قاعدة الميسور :
الاولى : عن أبى هريرة ، قال : «خطبنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : أيّها النّاس! إنّ الله عزوجل قد فرض عليكم الحجّ ، فحجّوا ، فقال : رجل أفي كلّ عام يا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ فسكت صلىاللهعليهوآلهوسلم حتّى قالها ثلاثا ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لو قلت : نعم ، لوجب ولما استطعتم ، ثمّ قال : ذرونى ما تركتكم ، فإنّما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبياءهم ، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه» (١). هذا الرّواية قد وردت من طريقة العامّة.
__________________
(١) مسند أحمد : ج ٢ ، ص ٥٠٨.