يتعيّن هذا الاحتمال الثّالث ، فحينئذ لا طريق للاستدلال بتلك الرّواية على قاعدة الميسور رأسا حتّى بحسب الأفراد.
الرّواية الثّانية : ما روى ابن أبي جمهور وقال : «روي عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه عليهالسلام قال : ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه» (١).
هذه الرّواية ضعيفة من جهة السّند لأجل كونها مرسلة مع عدم انجبارها بعمل الأصحاب ، حيث لم يحرز استنادهم إليها ، كيف وأنّه لا أثر منها في جوامعنا الرّوائيّة المعتبرة ، وقد عرفت حال كتاب «عوالي اللّئالي» وأنّه ليس موثوقا به.
وأمّا الدّلالة ، ففيها احتمالات أربعة.
منها : أنّ المراد من كلمة : «كلّ» هو العموم الاستغراقيّ ، بمعنى : عموم السّلب ؛ وهذا الاحتمال واضح البطلان ، إذ لو كان إدراك كلّ فرد ، أو كلّ جزء من أفراد المأمور به ، أو أجزاءه ، ممتنعا ، كان كلّ فرد من أفراده ، أو كلّ جزء من أجزائه متروكا قهرا ، فلا يصحّ أن يتعلّق النّهي بتركه المستلزم لتعلّق الأمر بفعله.
ومنها : أنّ المراد من كلمة : «كلّ» هو العموم المجموعيّ ؛ وهذا الاحتمال ـ أيضا ـ باطل كالأوّل ، لأنّه إذا كان إدراك المجموع بما هو مجموع ممتنعا ، كان ذلك المجموع متروكا قهرا وحينئذ لا يصحّ أن يتعلّق النّهي بترك المجموع المستلزم لأن يتعلّق الأمر بفعله.
ومنها : أنّ المراد من كلمة : «كلّ» في قوله عليهالسلام : «ما لا يدرك كلّه» هو العموم الاستغراقيّ ، وفي قوله عليهالسلام : «لا يترك كلّه» هو العموم المجموعيّ ، وهذا الاحتمال
__________________
(١) عوالي اللّئالي : ج ٤ ، ص ٥٨.