والأهم من كلّ ذلك (١) هو ما رواه النسائي (ت ٣٠٣ هـ) (٢) وابن ماجة (ت ٢٧٥ هـ) (٣) بسندهما عن ابن جريج عن عثمان بن السائب عن أبيه ، عن أُم عبد الملك بن أبي محذورة ، عن أبي محذورة والنصّ للأوّل :
لّما خرج رسول الله من حنين خرجت عاشر عشرة من أهل مكة نطلبهم فسمعناهم يؤذّنون بالصلاة فقمنا نؤذّن نستهزئ بهم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : قد سمعت من هؤلاء تأذين إنسان حسن الصوت فأرسل إلينا ....
وقد جاء هذا الخبر في مسند أحمد (ت ٢٤١ هـ) : حدّثنا روح بن عبادة ، حدّثنا ابن جريج ، أخبرنا عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة :
أنّ عبد الله بن محيريز أخبره ـ وكان يتيماً في حجر أبي محذورة (٤) ـ قال : قلت لأبي محذورة : يا عم ، إنّي خارج إلى الشام وأخشى أن أسأل عن تأذينك ، فأخبرَني : أنّ أبا محذورة قال له : نعم ، خرجتُ في نفر وكنّا في بعض طريق حُنين ، فقفل رسول الله صلىاللهعليهوآله من حنين ، فلقينا رسول الله ببعض الطريق ، فأذّن مؤذّن رسول الله بالصلاة عند رسول الله ، فسمعنا صوت المؤذّن ونحن متنكّبون ، فصرخنا نحكيه ونستهزئ به ، فسمع رسول الله صلىاللهعليهوآله فأرسل إلينا إلى أن وقفنا بين يديه ، فقال رسول الله : أيّكم الذي سمعتُ صوته قد ارتفع ؟ فأشار القوم كلّهم إليَّ وصدقوا ، فأرسل كلّهم وحبسني رسول الله ، فألقى عليَّ رسول الله التأذين هو بنفسه ، قال : قل : اللهُ أكبر ، اللهُ
______________________
(١) لأنّه يرتبط ببحثنا .
(٢) سنن النسائي ٢ : ١٠ / ٦٢٩ ، كتاب الأذان ، باب الأذان في الفجر .
(٣) سنن ابن ماجة ١ : ٢٣٧ ، كتاب الأذان والسنّة فيها ، باب بدء الأذان .
(٤) واسم أبي محذورة هو : سَمُرة بن معير بن لوذان .