وعرك أذنه ، وقال : ارجع وقل : أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأشهدُ أنّ محمّداً رسول الله ، ومُدّ بهما صوتَك غيظاً للكفار ... (١) ، وهو ما يصطلح عليه اليوم في الأذان بالترجيع ، وقد نبحثه لاحقاً مع التثويب .
ويضاف إليه : أنّ الصحابة كانوا يفسّرون النصوص ويشرّعون الأحكام طبقاً لقناعاتهم وفهمهم للملاكات ، ومن هنا سرى التحريف في جسد الشريعة تحت مظلّة الرأي والاجتهاد والمصلحة ، وموافقات الوحي لفلانٍ وفلان ، لأنّه يعرف ملاكات الأحكام وروح التشريع !
ومن هذا المنطلق ذهبوا إلى أنّ تشريع الأذان كان بمنام ، ومثله قولهم إنّ بلالاً الحبشيَّ رأى النبي نائماً ، فقال : الصلاة خير من النوم ، والنبي أقرّ ذلك في الأذان ! وأمثال هذه الأُمور كثيرة في الفقه والحديث .
ونحن قد أشرنا سابقاً إلى جملة من تلك الاجتهادات الباطلة في دراستنا حول كيفية « وضوء النبي صلىاللهعليهوآله » ، وكيف يريد الناس بعقولهم الناقصة وآرائهم الباطلة ومقاييسهم الفاسدة أن يفهموا ملاكات الأحكام ويتعرّفوا على المصلحة مع وجود النصّ ، ومن هنا جاء تأكيد أئمّة أهل البيت على عدم جواز الإفتاء بالرأيِّ وبالقياس ، مع وجود النَّصّ .
فقال الإمام الباقر عليهالسلام لجابر : يا جابر ، لو كنّا نُفتي الناس برأينا وهَوانا لكنّا من الهالكين ، ولكنّا نُفتيهم بآثارٍ من رسول الله صلىاللهعليهوآله وأُصول [ عِلمٍ عندنا ] ، نتوارثها كابراً عن كابر ، نَكْنِزُها كما يكنز هؤلاء ذهبهم وفضّتهم (٢) .
______________________
(١) بدائع الصنائع ١ : ١٤٨ .
(٢) بصائر الدرجات للصفّار : ٣٢٠ .