وإنّي في الفصل الأوّل من هذا الكتاب سأُثبت بأنّ « الصلاة خير من النوم » لم تكن روايةً نبوية حسبما يدّعونه ، بل هي رأي شُرِّع في الأذان متأخّراً ، وإن كنت لا أستبعد النداء به كجملة مفردة في عهد رسول الله لا على نحو التشريع قبل الفجر لإيقاظ النائمين وتنبيه الغافلين ، لكنّهم أدرجوها لاحقاً بعد رسول الله في أذان الفجر لاحقاً على أنّها من الشرع والدين ، وهذا من البدعة في الدين ، وقد أشار الشيخ ناصر الدين الألباني إلى أنّ التثويب يشرّع في الأذان الأوّل للصبح الذي يكون قبل دخول الوقت بنحو ربع ساعة تقريباً ... إلى أن يقول :
|
قلت : وإنّما أطلت الكلام في هذه المسألة لجريان العمل من أكثر المؤذّنين في البلاد الإسلامية على خلاف السنّة فيها أوّلاً ، ولقلّة من صرّح بها من المؤلّفين ثانياً ، فإنّ جمهورهم ـ ومن ورائهم السيّد سابق ـ يقتصرون على إجمال القول فيها ولا يبينون أنّه في الأذان الأوّل من الفجر كما جاء ذلك صراحة في الأحاديث الصحيحة خلافاً للبيان المتقدّم من ابن رسلان والصنعاني جزاهما الله خيراً . وممّا سبق يتبيّن أنّ جعل التثويب في الأذان الثاني بدعة مخالفة للسنّة ، وتزداد المخالفة حين يعرضون عن الأذان الأوّل بالكلّية ويصرّون على التثويب في الثاني ، فما أحراهم بقوله تعالىٰ : ( أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ ) (١) . |
فمسألة التعبّد بكلام الله ورسوله ، وفي المقابل اجتهادهم قبال النَّصَّ كانا
______________________
(١) تمام المنّة في التعليق على فقه السنة ١ : ١٤٦ ـ ١٤٨ .