فالسؤال إذا كان الأذان بـ « الصلاة خير من النوم » قد شُرّع لتنبيه الغافل ولم يكن لأجل الصلاة ، وأنّ بلال كان يؤذّن به في الليل فلماذا لا نراه اليوم في أذانهم بالليل ، بل نسمعه في أذان الفجر ، وما تعني هذه المفارقة بين المحكي في الكتب وبين الواقع العملي المعاصر عند المسلمين اليوم ، وهل يصحّ ما قالوه في أذان بلال بالليل ؟!
توضيح ذلك
هناك احتمالين يمكن بيانهما في هذا الإطار :
الاحتمال الأول :
بما أنّ المشهور في كتب الجمهور بأنّ بلالاً كان يؤذن بليل وأنّ ابن أم مكتوم الأعمى للصبح ، فيجب حمل الرواية القائلة بأنّ بلال الحبشي جاء إلى النبي ورآه نائماً وقوله « الصلاة خير من النوم » بأنّها كانت في الأذان الإعلامي الأوّل في الليل لإيقاظ النائمين وتنبيه الغافلين لا أنّه في أذان الصبح ، لأنّ النبي لا يمكن أن ينام عن صلاة الصبح ، وأنّ نومه لو افترض فيجب أن يكون في بعض الليل ( قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا ) لا أنّه نام حتّى طلع الفجر وذلك لتفانيه في ذات الله والنصوص المؤيّدة لهذا الاحتمال كثيرة .
منها الذي جاء في صحيح البخاري : أنّ رسول الله ، قال : إنّ بلالاً يؤذّن بليل فكلوا واشربوا حتّى ينادي ابن أمّ مكتوم ، وكان رجلاً أعمى لا ينادي حتّى يقال له : أصبحت أصبحت (١) .
______________________
(١) صحيح البخاري ١ : ١٦٠ باب أذان الأعمى .