نحن في كتابنا الأول (حي على خير العمل) أكدنا بأنّ الحيعلة الثالثة تعني في روايات أهل البيت بأنّها برّ فاطمة وولدها وأنّ عمر بن الخطاب سعى لرفعها ، وهو هنا أراد أن يجعل مكانها الصلاة خير من النوم تحكيماً للخلافة مقابل الإمامة .
والأمويون وبإصرارهم على وضع « الصلاة خير من النوم » ورفع الحيعلة قد طبقوا ما أراده الخلفاء قبلهم .
وبذلك فـ « الصلاة خير من النوم » هي بدعة عمرية وأموية في آن واحد ، لاتباع السلف الخلف . ولم تكن تشريعاً نبويّاً بل أنّها من المسائل السياسية الحادثة بعد وفاة رسول الله ، وقد رُسّخت من قِبل هؤلاء الخلفاء والحكومات الموالية لهم .
ويؤكّد رواية الزهري ـ منديل الأُمراء حسب عبارة ـ (١) في ذيل رواية رواها عن محمد بن خالد فقال : وزاد بلال في نداء الغداة (الصلاة خير من النوم) فأقرّها رسول الله (٢) .
أي إنّ هذه الزيادة ـ حسب ادّعاءهم ـ هي من رأي بلال لكنّ النبيّ أقرّه في حين سنثبت لك عدم صحّتة .
كما أنّهم رووا ما يدلّ على كون « الصلاة خير من النوم » كان عن رأي حدث في زمن أبي بكر فأخذها بلال عن رجل ، وأنّ عمر كان يريد رفعه لكنّه نسي .
ففي كنز العمال عن ابن جريج : أخبرني حسن بن مسلم أنّ رجلاً سأل طاووس : متى قيل الصلاة خير من النوم ؟
______________________
(١) سنن النسائي ٢ : ١١ الأذان في غير وقت الصلاة .
(٢) سنن ابن ماجة ١ : ٢٣٣ / ٧٠٧ ـ كتاب الأذان والسنة فيها . وفي الزوائد : في إسناده محمد بن خالد ضعفه أحمد وابن معين وأبو زرعة وغيرهم .