قال : أما انّها لم تقل على عهد رسول الله ، ولكن بلالاً سمعها في زمان أبي بكر بعد وفاة رسول الله يقولها رجل غير مؤذن فأخذها منه فأذّن بها فلم يمكث أبو بكر إلّا قليلاً حتّى إذا كان عمر قال : لو نهينا بلالاً عن هذا الذي أحدث ، وكأنّه نسيه وأذّن بها الناس حتّى اليوم (١) .
أُنظر كيف يريدون أن يلقوا تبعة تشريع « الصلاة خير من النوم » على بلال مع إيمانهم وإقرارهم أنّها لم تكن في أذان عبد الله بن زيد ـ الذي أُري الأذان والذي أخذ بلال الأذان منه ـ ، كما أنّها لم تكن من تشريعات النبي وسنته الدائمة ، بل كلّ ما فيها أنّ النبيّ يسمح بأن تقال في الأذان للفجر لا في أذان الفجر ، وهي تشير إلى أنّ القوم جادّين في إبعاد هذا الأمر عن عمر بن الخطاب والقول بأنّه إحداث سبق عهده إذ يقول الراوي : « فلم يمكث أبو بكر إلا قليلاً حتّى إذا كان عمر قال : لو نهينا بلالاً عن هذا الذي أحدث ، وكأنّه نسيه وأذّن بها الناس حتّى اليوم » فمعناه أنّ عمر كان يرى بدعية التثويب لكنّه نسي أن يذكّر بلال الحبشي به ، أو نسى أن يسعى لرفعه فبقي ذلك إلى يومنا هذا .
إذن بدعيّة التثويب تعود إلى عمر لا إراديّاً لأنّه نسى أن يذكّر المسلمين به ممّا دعاهم إلى الاستمرار بالأذان به إلى يومنا هذا .
ويُضاف إليه ما جاء في مصنف ابن أبي شيبة عن مجاهد : لما قدم عمر مكة أتاه أبو محذورة وقد أذن ، فقال : الصلاة يا أمير المؤمنين ، حي على الصلاة حي على
______________________
(١) كنز العمال ٨ : ٣٥٧ / ٢٣٢٥١ و ٢٣٢٥٢ ، المصنف لعبد الرزاق ١ : ٤٧٤ / ١٨٢٧ و ١٨٢٨ و ١٨٢٩ .