هذا شيء أحدثه الناس ، وقال أبو عيسى : هذا التثويب الذي كرهه أهل العلم وهو الذي خرج منه ابن عمر من المسجد لما سمعه (١) .
ألم يكن مالك ، والشافعي ، وأبي حنيفة ، وابن رشد ، وابن جريج ، وطاووس ، وعبد الرزاق بن همام ، وغيرهم ، من جهابذة العلماء ونقدة الحديث فما يعني تشكيك هؤلاء أو عدم تصحيحهم بعض وجوه التثويب ، بل بعضهم يصرّح بأنّ عمر بن الخطاب كان وراء إحداثه ، وأنّه لم يكن على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله .
ولكي أوضّح الأمر أكثر أنقل تعليق الخطابي على حديث ابن عمر وأنّه أراد أن يستفيد من خطأ بلال في الأذان ـ على فرض صحّة الخبر ـ للقول بأنّ رسول الله في أخريات حياته سحب عنه مهمّة الأذان للصبح وأعطاه لابن أُم مكتوم الأعمى ، فقال :
إنّ بلالاً أذّن قبل طلوع الفجر فأمره النبي أن يرجع فينادي ألا إنّ العبد قد نام ألا انّ العبد قد نام ... فإنّ الثابت عن بلال أنّه كان في أواخر أيام رسول الله يؤذن بليل ثم يؤذن بعده ابن أم مكتوم مع الفجر (٢) .
ومثله ترى احتدام الصراع بين التابعين وتابعي التابعين في هذه المسألة ، لأنّ الناس لا يمكنهم أن يقبلوا كلّ شيء يقال لهم ، فلهم أن يعترضوا على بعض الأقوال ، فلو تأمّلت في الحوار الذي دار بين شعيب بن حرب ومالك بن أنس لوقفت على مصداقية كلامنا ، إذ أخرج البيهقي بسنده :
______________________
(١) المغني ١ : ٤١٩ ـ ٤٢٠ .
(٢) عون المعبود ٢ : ١٧٧ ـ عن الخطّابي .