وهل أنّ تشريع هذا في الزمن المتأخّر يؤكّد وجود ترابط في الأذان بين الشهادات الثلاث والحيعلات الثلاث منذ التشريع الأوّل وفي الأسراء والمعراج ، فأبدلوا الإمامة الإلهيّة بالخلافة السلطوية الظاهرية .
ولما كنتُ عرفتُ ـ من خلال بحثي في الحيعلة الثالثة ـ أنّهم شرّعوا أصل الأذان بالمنام ، لم استبعد أن يشرّعوا الأذان بالليل من عند أنفسهم أيضاً .
كما لم استبعد أن يتجاوز مدّعاهم فينسبوا إلى رسول الله أُموراً كثيرةً ويقولوا بأنّ النبيّ كان نائماً ، وأنّ بلالاً جاء لِيُعْلمَه بالصلاة ، فرآه نائماً فقال : الصلاة خير من النوم ، والنبيّ قال : « اجعلها في أذانك » ، وأمثال ذلك .
فالأمويون تبنّوا التثويب وربطوا الأذان بالخلافة كنائيّاً بعد أن عرفوا ارتباطه بالإمامة لعليّ كنائيّاً .
فنسبوا إلى أمير المؤمنين علي عليهالسلام قوله في أبي بكر ومشروعيّة صلاته مكان رسول الله : « من ارتضاهُ رسول الله لديننا نرتضيه لدنيانا » (١) .
فأرادوا من خلال هذه المقولة الاستدلال على إمامة أبي بكر وأحقّيّته بالخلافة من علي بن أبي طالب .
كما أنّهم أرادوا من خلال القول بـ « الصلاة خير من النوم » ـ والذي يرتبط بأبي بكر ـ القولَ بأنّه الأجدر في حيازة منصب الخلافة من الإمام علي بن أبي طالب صاحب « حيّ على خير العمل » .
وأنت تراهم حينما يحكون كلام الإمام علي يحكونه على نحو القياس (من ارتضاه رسول الله لدنياه نرتضيه لدنيانا) في حين أنّ القياس ظنّيٌّ لا حجّة فيه عند
______________________
(١)