سمّاك ابن حرب ، عن جابر بن سَمُرة ، قال : كان بلال لا يؤخّر الأذان عن الوقت وربّما أخّر الإقامة شيئاً (١) .
قلت :
وفي هذا إشارة أيضاً إلى أنّ بلالاً كان يؤذّن للأوقات الشرعيّة الثابتة لا للصلوات المسنونة كالأذان لصلاة الليل ، كما جاء في بعض النصوص .
بلى ، إنّ مدرسة الخلفاء سعت لتنال من بلال الحبشي بعد رسول الله ، وذلك لعدم تعاطفه مع أصحاب السقيفة ، فكالوا التهم إليه وانتقصوه ، ساعين لإلقاء تبعة كلّ إحداث جديد وقع في الأذان على عهدته .
أو قل : أرادوا أن يصحّحوا الإحداثات الجديدة من قبل الخلفاء وأنصارهم بنسبتها إليه ، أو القول ـ وعلى لسانه ـ بأنّ رسول الله أقرّها له ولهم .
يقولون بذلك مع أنّهم يتّهمونه في لسانه وبصره ، فقالوا : إنّ سين بلال عند الله هو شين ، مدّعين وجود ضعف في بصره وأمثال ذلك ، وقد تكون هذه المقولة قد صدرت عن رسول الله لكنّهم استغلّوها بصورة بشعة .
في حين أنّ تلك النصوص تخطّئ نفسها بنفسها ، والنفس الإنسانيّة والعقل السليم لا يطمئن لما ادّعوه من أنّ أذان ابن أُمّ مكتوم الأعمى للصبح (٢) ، وأذان الصاحي بلال بليل .
ولو صحَّ ذلك لكان هو أقوى دليل لما نريد قوله ، وأنّ ذلك جاء نداءً لا أذاناً شرعيّاً .
______________________
(١) سنن ابن ماجة : ٢٣٦ .
(٢) بدائع الصنائع ١ : ١٥١ .