فجملة « لا يؤّدي عنك إلّا أنت أو رجل منك » تتّفق مع الآيات الآنفة ومع قوله تعالى : ( وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ) الواردة في النبيّ محمّد والإمام علي عليهماالسلام .
فإنّ عزل رسول الله ـ أو قل الله تعالى ـ أبا بكر وتولية عليٍّ مكانه لإبلاغ آيات البراءة يقارب ما قالوه من أمر رسول الله أبا بكر للصلاة مكانه في مرض موته ، ثمّ عدوله عن رأيه والذهاب إلى المسجد للصلاة بهم .
فنحن لو جمعنا هذه الأُمور مع النصوص التي جاءت في كتب القوم من أنّ رسول الله لم يعيّن أحداً مكانه ، بل قال ليصلِّ بهم أحدهم ، أو ما جاء في « سنن أبي داود » : مروا مَن يصلّي بالنّاس . فخرج عبد الله بن زمعة فإذا عمر في الناس وكان أبو بكر غائباً ، فقلت : يا عمر ، صلّ بالنّاس ، فتقدّم فكبّر ... (١) ، إلى غيرها من الأخبار لعرفت كثيراً من الأشياء .
كما أنّ آية ( وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ) ، وحديث : « لا يؤّدي عنك إلّا أنت أو رجل منك » يقاربان قوله تعالى في الأنبياء : ( إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (٢) ، وأنّ الرسالة والوصاية ذرّية بعضها من بعض ، كما أنّه يوضّح أيضاً معنى كلام الإمام الباقر عليهالسلام
______________________
أمير المؤمنين عليهالسلام للنسائى : ٩١ ، السنن الكبرىٰ للبيهقي ٥ : ١٢٨ / ٨٤٦١ ، تفسير الطبري ١٠ : ٦٤ / ذيل الآية ٣ من سورة التوبة ، أنساب الأشراف ٢ : ١٥٥ / ١٦٤ ، المستدرك على الصحيحين ٣ : ٥١ ، ذخائر العقبىٰ / ٦٩ ، سنن الترمذي ٥ : ٣٠٠ / ٣٨٠٣ ، السنّة لابن أبي عاصم ٢ : ٥٩٨ / ١٣٢٠ ، وانظر تفسير الميزان ٩ : ١٦٢ ـ ١٦٤ .
(١) سنن أبي داود ٢ : ٥١٩ و ٤ : ٢١٥ ، في استخلاف أبي بكر .
(٢) آل عمران : ٣٣ ـ ٣٤ .