إذن ليس من المستبعد ـ بل من القريب جدّاً ـ أن يكون أبو بكر وعمر المتبنّين والواضعين لـ « الصلاة خير من النوم » دفعاً لمساءة تركهما النبي واشتغالهما بالصلاة وأمور الخلافة .
فيكون الأوّل ـ أبو بكر ـ قد أسس المقولة أو أُسّس ذلك في عهده ، ورسّخها الثاني وقنّنها بنو أمية بأحاديث مفتعلة مرويّ عن الصحابة والتابعين إلى الأبد ؛ لأنّ هؤلاء يسيرون على نفس المنهج الذي يهتم بظواهر الأُمور العبادية فيحفظون آيات الذكر الحكيم تاركين العمل به ويدعون إلى تلاوة القرآن تاركين الرسول وسنّته .
وعليه فـ « الصلاة خير من النوم » هي بيان للكلية التي يعتقدون بها وإشارة إلى المنحى الفكري الذي يدعون الناس إليه بعد رسول الله ، لأنّهم في منهجهم هذا قد حددوا عصمة النبي ـ بل عصمة الأنبياء ـ في اطار ما أتوا به من عند الله ، لأنّ الله سبحانه قال : ( بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ ) ، ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ ) أي أنّه معصوم في إطار التشريع والأحكام ولم ينزهونهم إلّا فيما جاءوا به من الوحي ، وهذا يعني وجوب اتباعهم فيما أتوا به من الله فقط ، ولأجل ذلك تراهم لا يحترمون النّبي محمد بقدر ما يهتمون بظواهر الإسلام كالصلاة وتلاوة القرآن و ... ، فلا يقصدون المدينة المنورة إلّا للصلاة في مسجد النبي ، بخلاف بلال الذي قصدها لزيارة رسول الله بعد منام راى فيه النبي وهو صلىاللهعليهوآله يقول له ما هذه الجفوة يا بلال ؟! أما آن لك أن تزورني يا بلال ؟