أما ما قالوه عن جملة مالك وأنّها تعني الأذان الشرعي قياساً مع الإقامة الذي هو الثاني للفجر ، فهذا الكلام باطل ، لان الإقامة لا تسمى أذاناً هذا أوّلاً .
وثانياً : قد يمكن تصحيح ما احتملوه لو أخذنا الأمور بعيداً عن ملابساتها ، في حين مر عليك كلام محمد بن ادريس الشافعي والنعمان بن ثابت وغيرهم من أن المعني بالأذان الأول هو ما يؤذّن به قبل الفجر لا فيه .
وبذلك يكون معنى كلامنا أنّ أئمّة المذاهب : النعمان بن ثابت ، والشافعي ، وحتّى مالكاً كانوا لا يقولون بشرعية التثويب في أذان الفجر .
وأما الإمام أحمد (ت ٢٤١ هـ) فقد استدل على شرعية التثويب برواية أبي محذورة وما جاء عن بلال ، وقد فنّدناهما في هذه الدراسة .
ولا أدري كيف استدل أحمد على حصر التثويب بالصبح خاصة مستدلاً بفعل بلال الحبشي مع وقوفه على تصريح مالك بن أنس بأن بلالاً كان يؤذن بليل !!
وعلى هذا فلا يجوز لأحمد أن يستدل على شرعية التثويب بالروايتين (١) .
فأما رواية أبي محذورة فلم تثبت حكايته عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وهذا ما قاله الشافعي قبل قليل ، مع أنّ أحمد حكى تلك الرواية عن أبي محذورة ـ كما روتها الصحاح الستة أيضاً ـ عن عبد الله بن محيريز عن أبي محذورة وليس فيها « الصلاة خير من النوم » ، وهذه الرواية خير من اخواتها الروايات الأخرى الموجودة في مسنده والمروية بأسانيد متصلة .
وعليه (١) ، نفهم أنّ جملة « الصلاة خير من النوم » هي مما كان يؤتى بها « في الاولى من
______________________
(١) أي ١ ـ رواية أبي محذورة ٢ ـ رواية بلال .