وقد اعترض (١) السيد الأستاذ على الميرزا مدّعى وبرهانا ، فأمّا اعتراضه على مدّعى الميرزا بالمعنى الذي فسّره هو أنّ كلمة (في) وإن كانت موجدة للربط الكلامي في مرحلة الكلام ، ولكن من الواضح أنّ هذه الكلمة لا توجد الربط الكلامي بالإعجاز والمعجزة ، وإنما توجده باعتبار دلالتها على معنى.
إذن لا محالة يكون الربط في عالم الكلام ، انعكاسا لربط قبلي في عالم قبلي ، فدلالة الحرف على المعنى في ذلك العالم القبلي هو المنشأ في إيجاد الربط في عالم الكلام ، فدعوى أنّ الحرف معنى إيجادي ، غير صحيح ، لأن إيجادية الحرف للربط الكلامي فرع دلالته على معناه ، إذن ففي رتبة سابقة لا بد من تنقيح معنى للحرف ودلالة للحرف على ذلك المعنى ، فيحصل ببركة ذلك ، الربط في عالم الكلام ، لا ، أن الربط الكلامي هو مدلول ابتدائي للحرف ، بل هو من نتاج دلالة الحرف على معناه في ذلك العالم القبلي.
وجواب السيد الأستاذ على مدّعى الميرزا في غاية المتانة والصحة إذا كان الميرزا يدّعي هذا المطلب الذي فسّر به كلامه ، وهو أن الحرف إيجادي ، وليس له ما بإزاء سوى الربط الحاصل في عالم الكلام ، فلا معنى لأن يقال بأن معنى (في) هو الربط الكلامي ؛ أليس المتكلم قبل أن يتكلم توجد في نفسه قضية كاملة فيها موضوع ، وموصوف ، ونسبة؟ إذن فذاك الربط الحاصل في عالم ذهن المتكلم ، ما هو الدال عليه إذا فرض أن الحرف لم يكن هو الدال عليه؟.
فمن الواضح أنّ إيجادية الحرف للربط الكلامي ، إنما هو من نتاج دلالته على معناه ، ففي مرتبة سابقة لا بدّ من تنقيح هذا المعنى. ولكن نحن نستبعد جدا أنّ يكون هذا المطلب هو مقصود الميرزا ، (قده) والمظنون أنّ الميرزا لا يقول بإيجادية الحروف ، بل يقول بإيجادية المعاني الحرفية ـ أي بأنّ المعنى الحرفي الثابت في أفق ذهن المتكلم حين الاستعمال ، هذا معنى إيجادي ـ نعم
__________________
(١) محاضرات فياض ج ١ ص ٦٤ ـ ٦٥.