الواقعية ، وذلك أننا أوضحنا سابقا أن النسب على قسمين :
القسم الأول : النسب التحليلية من قبيل نسبة (في) في قولنا : «النار في الموقد».
والقسم الثاني : النسب الحقيقية من قبيل النسبة الإضرابية في قولنا : «أكرم زيدا بل عمرا».
وقلنا إنّ النسب التحليلية ليست موجودة في صقع الذهن ، بل الموجود وجود واحد لمركب تحليلي ، أحد أجزائه التحليلية هو النسبة ، وهذا بعينه نقوله في النسبة الناقصة. ففي قولنا : «علم زيد» ، لا يوجد في صقع الذهن وجودان ذهنيان أحدهما وجود للعلم ، والآخر وجود زيد ، ونسبة بين العلم وزيد ، فهذا غير موجود ، بل هناك وجود ذهني واحد بالتحليل ينحل إلى أجزاء : (علم ، وزيد ، وربط مخصوص) وهذا الربط المخصوص بين (علم ، وزيد) كالربط المخصوص بين (النار والموقد) ، فالموجود في الذهن وجود واحد تركيبي لو حلّل لأمكن أن نثبت بالبرهان أن جزءه التحليلي نسبة «ما» وربط «ما» ، وبذلك يظهر معنى كون النسبة ناقصة ، فالمتكلم حينما يلقي الجملة الناقصة ، كأنه ألقى كلمة مفردة لا تدل على نسبة ، ولهذا لا يحسن السكوت عليها. كذلك حينما يلقي «علم زيد» كأن ألقى شيئا واحدا لا شيئين بينهما نسبة ، لأن النسبة تحليلية لا واقعية ، هذا في باب الجمل الناقصة ، وهذا معنى كون النسبة ناقصة في عالم التصور.
وأمّا النسبة في الجمل التامة : فهي نسبة واقعية في صقع الذهن ، بحيث أن الذهن يرى شيئين بينهما نسبة من قبيل النسبة الإضرابية ، كما مرّ سابقا. ففي قولنا «زيد عالم» الذهن عنده شيئان : زيد في جانب ، وعالم في ذاك الجانب ، ونسبة قائمة بينهما وهذه النسبة هي النسبة التصادقية بين زيد وعالم.
ويمكن أن نوضح الفكرة بمثال عرفي :
«ولنفرض مرآتين وشخصا واحدا انتقشت صورته في تلك المرآتين في