فليس عندنا في باب المعنى الحرفي ثلاثة أشياء حتى يقال بأن معنى العمومية عبارة عن خروج التقيّد والقيد معا ، ومعنى الخصوصية دخول التقيد وخروج القيد ، إذن فهذا التعبير في تفسير العمومية والخصوصية غير صحيح ، كما أنّ التعبير السابق بمعنى أن العمومية والخصوصية ملحوظة باعتبار الصدق على كثيرين في الخارج ، وعدم الصدق على كثيرين في الخارج ، هذا التعبير أيضا غير صحيح.
والذي ينبغي أن يقال في المقام : إنّ هذه النسب الواقعية التصادقية ، هل يتصور بينها جامع حقيقي مع إلغاء خصوصيات الطرفين ، أو لا يتصور ذلك؟. فإن تصورنا جامعا بين نفس النسب التصادقية ، أو النسب الإضرابية ، أو التأكيدية ، حينئذ يكون الموضوع له عاما ، ويكون جامعيته بلحاظ الصدق على كثيرين في نفس وعاء الذهن ، باعتبار أن هذا الجامع ينطبق على نسب تصادقية كثيرة.
وأما إذا لم نتعقل الجامع بين النسب التصادقية ، أو بين النسب الإضرابية ، حينئذ لا يكون له أفراد كثيرين في الذهن ، فالموضوع له خاص حينئذ.
والصحيح إنّ هذا الجامع مستحيل ، كما أوضحنا ذلك في بيان المسلك الثالث من مسالك المشهور في المعنى الحرفي. فإنّ النسبة التصادقية ، وغيرها من النسب الواقعية ، هي متقومة بشخص طرفيها كما مرّ سابقا بالبرهان ، بحيث أنها في مرتبة ذاتها مرتبطة بشخص هذا الطرف ، وبشخص ذلك الطرف. فحينئذ ، إن أريد انتزاع جامع حقيقي بين نسبتين تصادقيتين ، فإما أن تلغى خصوصيات الأطراف ، وإما أن يتحفّظ عليها :
فإن تحفظنا على خصوصيات الأطراف ، استحال انتزاع الجامع لأن تلك الخصوصيات متباينة ، ومع أخذها في النسب تكون النسب أيضا متباينة ، فيستحيل أخذ الجامع.