الثاني ، كانت دلالة اللفظ على المعنى الحقيقي أقوى وآكد من دلالته على المعنى المجازي.
والشيء نفسه نقوله في المعاني المجازية بعضها مع بعض : فإن اقتران المعنى المجازي مع المعنى الحقيقي ليس دائما بدرجة واحدة ، بل بعض المعاني المجازية أشدّ التصاقا بالمعنى الحقيقي من بعضها الآخر. فكلّما كان المعنى المجازي أشدّ التصاقا بالمعنى الحقيقي ، كان اقترانه غير المباشر مع اللفظ أقوى من الاقتران الغير مباشر لمعنى مجازي آخر. وبهذا الترتيب تفسّر دلالة اللفظ على المعنى المجازي بلا عناية زائدة ، ويظهر وجه الطولية بين الدلالة على المعنى المجازي والدلالة على المعنى الحقيقي ، ويظهر أيضا وجه الطولية في نفس المعاني المجازية بين بعضها والبعض الآخر.
فالصحيح إذن هو المسلك الثاني وهو : إنّ صحة الاستعمال في المعنى المجازي ، لا يحتاج إلى عناية زائدة ، لأنها :
إن أريد بها جعل دلالة عرضية للمعنى المجازي ، فهو خلف الواقع.
وإن أريد بها جعل دلالة طولية للفظ على المعنى المجازي فهذا حاصل بلا عناية زائدة ، باعتبار اجتماع اقتران طبيعي مع اقتران وضعي.
فاجتماع هذين الاقترانين ينتج دلالة اللفظ على المعنى المجازي بلا حاجة إلى العناية الإضافية. وبهذا تم الكلام في الأمر الثالث.