استعمل اللفظ بلا قرينة ولو في بعض الموارد على الأقل ، فيستكشف الوضع بهذا الإطراد في الاستعمال.
وهذا التوجيه للاطراد غير صحيح ، وذلك لأن الاستعمال لا ينحصر بالوضع أو القرينة ، بل المصحح للانفهام هو إمّا الوضع وإما القرينة. فإن فهم المطلب من اللفظ بنحو مطّرد ، بكشف أنّ هذا الانفهام ليس بالقرينة ، وإنما بالوضع ، وهذا هو الإطراد في التبادر. وأما الاستعمال فلا ينحصر مصحّحه بالوضع ، أو بالقرينة ، لوضوح أن المستعمل قد يستعمل اللفظ في المعنى المجازي بلا وضع ، وبلا قرينة ، فيما إذا تعلق غرضه بالإجمال والإبهام ، إذن فلا يمكن بالاطّراد في الاستعمال إثبات أنّ المستعمل استند إلى الوضع فهذا الوجه غير وجيه.
الوجه الثالث : إنّ المراد من الإطراد هو اطّراد الحيثية المصححة للإطلاق ، فإطلاق اللفظ على فرد بلحاظ وجدان ذلك الفرد لحيثيته ، تكون تلك الحيثية هي المصححة للإطلاق ، فالنظر إلى تلك الحيثية إن كانت دائما مصحّحة للإطلاق فالإطلاق حقيقي وإن كانت أحيانا لا تصحّح فالإطلاق مجازي.
فمثلا حينما يطلق لفظ «الأسد» على هذا الحيوان بالخصوص ، بلحاظ وجدانه لحيثيته ، وهي كونه حيوانا مفترسا ، وهذه الحيثية المصححة مطردة ، بمعنى أنه متى ما وجد في فرد حيثية كونه حيوانا مفترسا ، يصح إطلاق اللفظ عليه ، فبهذا الإطراد تكون الإطلاقات حقيقية. ولكن حينما يطلق لفظ الأسد على زيد ، بلحاظ حيثية المشابهة للحيوان المفترس ، فهذه الحيثية ليست دائما مصححة ، فهناك مشابه للحيوان المفترس في الرائحة ، ومع هذا لا يصح إطلاق لفظ «الأسد» عليه. فالحيثية المصحّحة ليست مطردة التصحيح ، فهي حيثية مجازية.