فما أكثر الاستعمالات الصادرة عنه ، ولعل أولها كان استعمالا إعلاميا في مقام إيجاد الوضع به ، وهذا أمر معقول في نفسه ، ولكن لا بد من إقامة الدليل عليه ، والمتحصّل في كلماتهم مركّب من كبرى وصغرى :
فالكبرى : هي أن السيرة العقلائية قائمة على أن المخترع يوجد وضعا معينا ، ولفظا مخصوصا للمعنى الذي اخترعه.
والصغرى : هي أن النبي (ص) يعتبر مخترعا لهذه المركبات الاعتبارية بحيث جعل لها أجزاء وشرائط.
والكبرى تنطبق على النبي (ص) باعتباره مخترعا ، فيستكشف من ذلك أنه أوجد الوضع بالنسبة إلى هذه المعاني الجديدة المخترعة ، وحيث أنه لم يصرح بذلك فيحمل الوضع على الوضع الاستعمالي.
ومن الواضح أن هذا الدليل بهذه الصيغة قاصر عن إثبات المقصود ، وذلك لأننا لو سلّمنا بالصغرى والكبرى ، فغاية ما يفيد ، الظن بأن النبي (ص) لم يتجاوز السيرة العقلائية ، ولا يمكن حصول الجزم بذلك ، ولا دليل على حجية مثل هذا الظن. لكن هذه الصيغة في الاستدلال يمكن إجراء تعديل عليها ، بحيث تكتسب صفة فنية ، وهذا التعديل هو أن نقول : إنّ السيرة العقلائية للمخترعين ، وكون ديدنهم أن يضعوا ألفاظا معينة لإفادة المعاني التي يخترعونها ، إذن يحدث ظهورا عرفيا في نفس الاستعمال الأول الذي يصدر من النبي (ص) مقتضاه وطبعه ، أنه يوجد الوضع بالاستعمال الأول ، فهذا الطبع العرفي يدل بالالتزام على أن الاستعمال الأول ظاهر عرفا في أنه في مقام إيجاد الوضع ، فيكون ظهورا لفظيا عرفيا. وفرق بين هذا البيان وسابقه : حيث أن هذا البيان ، وأن لم يوجب الجزم بحصول الوضع بالاستعمال ، بل أوجب الظن ، ولكن هذا الظن مرجعه إلى الظهورات العرفية اللفظية ، وبذلك يكون هذا الظن حجة ، بينما في البيان السابق كان الظن ظنا مجردا ، بأن النبي (ص) قد وافق طريقة العقلاء ؛ وبهذا البيان يمكن إصلاح ذلك الدليل ، وبعد إصلاحه يمكن أن نشكل عليه بمنع الصغرى التي مفادها : إنّ الشارع مخترع لهذه