بنفسها رأس الفرسخ ، ورأس الفرسخ هو هذه الأرض وليس شيئا آخر غير هذه الأرض. فهذه الأرض هي أرض مخصوصة نراها بأعيننا ، وهي بنفسها رأس الفرسخ ، وهذه الأرض بما هي أرض مرئية بأعيننا موضوع عليه ، وبما هي موصوفة بأنها رأس الفرسخ هي موضوع له.
فالفرق إذن بين الموضوع عليه ، والموضوع له ، ليس فرقا خارجيا إشاريا ، بحيث يوجد شيئان ، بل يوجد شيء واحد ، وهذا الشيء الواحد ينحل إلى صفتين ، بلحاظ أنه أرض مخصوصة نراها بأعيننا ، تكون موضوعا عليه ، وبلحاظ أنها رأس الفرسخ ، تكون موضوعا له.
فمثلا : لو نصبنا علما على الأرض الذهبية ، فهنا الموضوع عليه هو الأرض الذهبية ، والموضوع له هو الأرض الذهبية ، لكن مع الفرق التحليلي ، فالموضوع عليه هو ذات الأرض ، والموضوع له هو كونها ذهبية ، فالفرق بينهما هو فرق تحليلي.
ومحل الكلام يمكن أن يدّعى أنه من قبيل الثاني لا الأول ، بمعنى أن الموضوع عليه والموضوع له شيء واحد ، لكنه بلحاظين ، وبالتحليل يكون أحدهما غير الآخر ، وذلك أن الواضع يضع لفظة (أسد) على المعنى المستعمل فيه ، فالموضوع عليه هو المعنى المستعمل فيه ، والموضوع له هو كون هذا الحيوان مفترسا ؛ إذن عندنا هنا موضوع ، وموضوع عليه ، وموضوع له موازية مع الوضع في باب العلم ، الموضوع هنا هو اللفظ في مقابل العلم هناك ، والموضوع عليه هنا ، هو المعنى المستعمل فيه في مقابل الأرض هناك ، لكن المعنى المستعمل فيه على إجماله ، والموضوع له هنا ، هو بيان أن المعنى المستعمل فيه ، هو الحيوان المفترس ، كما أن الموضوع له هناك هو بيان أن هذا المكان المخصوص هو رأس الفرسخ ، وكما أنّ المكان المخصوص هو عين رأس الفرسخ خارجا ، كذلك الحيوان المفترس هو عين المعنى المستعمل فيه خارجا ، لكن الفرق بينهما فرق تحليلي ، وبهذا وجدت العناصر الثلاثة.
وبهذا البيان اتضح كذلك أنّ الاعتراض الثاني غير وارد أيضا ، فإنّ