الحرارة في الماء ، وما جعلنا الشيء الذي ليس بسبب سببا مباشريا ؛ فجعل السببية المباشرية أمر غير معقول ، بمعنى أنّ الشيء الذي لا يكون سببا نجعله سببا! فهذا غير معقول ، لأنّ السببية بالنسبة إلى السبب الذاتي تكون ذاتية لا محالة.
نعم يمكن أن أجعل شيئا سببا للعرض ، وذلك بأن أوجد فيه السبب بالذات لا أوجد سببية السبب بالذات ، بل أوجد السبب نفسه بالذات ؛ فالماء ليس سببا ذاتيا للحرارة ، ويستحيل جعل السببية الذاتية المباشرية للماء ، بل يمكن جعله سببا بالعرض وذلك بإيجاد ما هو سبب بالذات فيه ، وهو الحرارة ، فيصبح حينئذ سببا بالعرض بالنسبة إلى الحرارة ، وأما السبب بالذات فهو الحرارة نفسها ، والحرارة لم نجعل سببيتها بل سببيتها ذاتية.
فإن أريد في المقام بجعل السببية الذاتية في اللفظ ، بحيث يجعله بذاته سببا ، بعد أن لم يكن سببا : فهذا أمر مستحيل ، لأنّ السببية الذاتية حيث أنها من خواص الأسباب الذاتية يستحيل أن تكون مجعولة بجعل مستقل. وإذا استحال وضع وجعل السببية تكوينا لما ليس بسبب ، فيستحيل جعلها تشريعا ، أو اعتبارا.
وإن كان المراد من جعل هذه السببية ضمّ ما هو السبب بالذات إلى اللفظ ـ من قبيل جعل الماء سببا للحرارة ، وذلك بأن نفتش أنه ما هو السبب بالذات في الحرارة ، هو الحرارة نفسها ، فأوجد الحرارة في الماء ، فيصير الماء ببركة ذلك سببا بالعرض. فهذا أمر معقول في المقام ، وهو أن نوجد في اللفظ خصوصية زائدة ، وببركتها يصبح اللفظ سببا بالعرض ، وتلك الخصوصية التي ببركتها أصبح اللفظ سببا بالعرض للمعنى ، هذه الخصوصية لم يبينها هذا المسلك ، وكل ما قاله إنّ الوضع يرجع إلى جعل السببية الواقعية ، وهذا المقدار صحيح ، لكن ليس جعلا مباشريا للسببية ، بحيث يجعل السببية الذاتية ، لأنّ السببية الذاتية لا تقبل الجعل ، بل إنما يجعل السببية العرضية ، بمعنى أن يضم خصوصية إلى اللفظ ليصبح بواسطتها سببا للمعنى ، وحينئذ جعل شيء