الإعرابية (١) من الضمّة ، والفتحة ، والكسرة ، التي لا تحمل أي معنى ، ولا تدل على شيء أكثر من كونها علامة على خصوصية معينة في موضوعها ، فكما أنّ الضمّة تدل على خصوصية الفاعلية في موضوعها كذلك حرف (إلى) يدل على خصوصية كون مدخوله منتهى إليه مثلا ، وحرف (من) يدل على خصوصية كون مدخوله مبدوءا به مثلا ، وهكذا.
وقد أشكل على هذا القول بأنه أشبه شيء بالجمع بين المتناقضين ، حيث يقال : بأن الحروف ليس لها معنى في الوقت الذي يدل فيه الحرف على الخصوصية في الكلام ، وذلك كما في قولنا ـ سرت من البصرة ـ. فإمّا أن يقال : إنها كقولنا ـ سرت البصرة ـ وكلمة (من) حشو زائد ، وأمّا أن يقال : بأن هناك خصوصية زائدة ـ خصوصية الابتداء ـ تستفاد في الجملة الأولى ، ولا توجد في الثانية.
والأول بديهي البطلان. وعلى الثاني نتساءل : هل إنّ هذه الخصوصية الزائدة مدلولة للاسم الواقع في الكلام ـ كالسير والبصرة ـ أو إنها ليست مدلولة؟.
والأول واضح البطلان أيضا لأنّ اسم ـ السير ـ لم يوضع إلّا لذات السير لا لسير خاص بخصوصية الابتداء. وعلى الثاني يتعين أن تكون تلك الخصوصية مستفادة من الحرف الواقع في الكلام ، إذ لا توجد قرينة فيه ، ولا دال آخر يمكن أن يكون هو الدال على الخصوصية.
وهذا الإشكال يمكن دفعه ، بأن صاحب هذا المسلك ، يمكنه أن يعترف بوجود خصوصية زائدة تستفاد من الكلام الذي وقع فيه الحرف ، إلّا أنه مع ذلك ينكر وجود معنى ومدلول للحروف ، وإنما يرى المعنى والمدلول للأسماء الواقعة في الكلام فقط ، بأن يدّعي أن الإسم موضوع مرتين : فهو بقيد
__________________
(١) فوائد الأصول ـ الكاظمي ص ١٢ ـ بدائع الأفكار ـ الآملي : ١ / ص ٤١.