ـ الظهور موجود ولا نتعقل فرقا بين حجية الظهور فيه وبين حجيته في موارد الشك في المراد مع العلم بالاستناد ، ومعنى ذلك ، هو انّ الارتكاز والسيرة منعقد على الحجية في كلا الموردين.
وأمّا التفسير الثاني ، فهو انّ الظهور الذي وقع موضوعا للحجية عند العقلاء ، غير الظهور الذي يستدل به السيد المرتضى (قده).
وتوضيحه هو : إنّ الظهور كحالة عامة ، لم ينعقد بناء العقلاء على حجيته مطلقا بقطع النظر عن هذا التفصيل ، وإنّما الظهور الحجة نوع مخصوص ، فإذا نحن اكتشفناه ، فسوف يتضح معه انّ مورد استدلالات السيد المرتضى (قده) خارجة عنه موضوعا.
وإن شئت قلت : إنه أشرنا سابقا إلى انّ الحجية العقلائية تتقوم بمجموع نكتتين هما : نكتة الكاشفية ، ونكتة نفسية ، بمعنى انّ نظر العقلاء في العمل بالظهور ليس إلى مجرد الكشف ، وإلّا لزم أن يكون كلّ كشف ـ بأيّ درجة كان ـ حجة ، مع انّ المفروض عدم تعميم أيّ درجة من الكشف إلّا الاطمئنان.
وعليه : فلا بدّ من ان نفترض في الإمارات الكاشفة ، نكتة أخرى ـ غير الكشف ـ هي نكتة نفسيّة ، تتميز عن بقية الكواشف ، وإن تساوت درجة الكشف فيهما.
ثم إنّه ذكرنا فيما تقدم ، إنّ التفصيل المدّعى معقول في الجملة بالمقدار الذي يهدم كلام السيد المرتضى (قده) ، ويبطل التمسك باصالة الحقيقة لإثبات الوضع اللغوي. وقلنا هناك انّ ذلك ليس لتفصيل في حجية الظهور ، بل لخروج المقام عن حجية الظهور موضوعا ، حيث لا ظهور أصلا ولذلك لا ابتلاء بالمعارض. بينما في المورد الأخر ـ كالدوران بين التخصيص والتخصص ـ الظهور موجود ، ولا نتعقل فرقا بين حجية الظهور فيه ، وبين حجية الظهور في موارد الشك في المراد مع العلم بالاستناد ، ومعنى هذا انّ الارتكاز والسيرة منعقد على الحجية في كلا الموردين.